خبراء بيئيون يطالبون بملاحقة البلديات المتورطة
 

جاء قرار وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن؛ القاضي بإغلاق 79 مؤسسة صناعية غير مرخص لها شرق لبنان ومتهمة بالمساهمة في تلويث نهر الليطاني؛ أكبر الأنهار اللبنانية، وتنبيه 72 مؤسسة مرخصاً لها بغية إلزامها بشروط الترخيص القانوني والبيئي والصحي تحت طائلة الإغلاق، متأخراً، بحسب خبراء بيئيين... فالنهر الذي تحول، وفق توصيف «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني»، إلى «قناة ضخمة للصرف الصحي» لا يزال يشهد تعديات هائلة عليه، مما يؤدي إلى تفاقم أعداد مرضى السرطان في البلدات والقرى المحيطة به بشكل غير مسبوق.

وتصدّر لبنان مؤخراً لائحة دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان. وأفاد تقرير صدر في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عن منظمة الصحة العالمية بأن هناك أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في عام 2018، و242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني. ويعبر نهر الليطاني 20 في المائة من الأراضي اللبنانية، بمسافة 170 كيلومتراً، انطلاقا من البقاع شرق البلاد، وصولاً إلى البحر المتوسط في جنوبها.

ولم تنفع التنبيهات التي وجهتها الوزارات المعنية و«مصلحة الليطاني» لمئات المصانع التي تتعدى على النهر، ولا حتى الإخبار الذي تقدمت به المصلحة للنيابة العامة المالية نهاية الشهر الماضي بوقف هذه التعديات، مما دفع وزارة الصناعة إلى الإعلان أمس عن إغلاق 79 مصنعا غير مرخص له من أصل 117 وجهت إليها قرارات للتقدم بطلبات تسوية أوضاعها، «وتساهم بالتلويث البيئي عامة وبتلويث نهر الليطاني خصوصا».

وعدّ مدير عام «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» الدكتور سامي علوية، أن خطوة وزارة الصناعة «تأتي في الاتجاه الصحيح إذا اقترن قرار الإقفال بالإقفال الفعلي»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك أكثر من 600 مؤسسة غير مرخصة، بين مؤسسة صناعية ومؤسسة مصنفة، تقتضي مقاربتها وإقفالها»، موضحا أن «هناك مؤسسات مرخصا لها أيضا تلوث النهر يومياً المطلوب إقفالها لا إمهالها». وحث علوية على وجوب «تطبيق الأحكام المتعلقة بالرقابة على المؤسسات الصناعية، وإخضاعها للرقابة الدورية، كما يقضي القانون والمراسيم المتعلقة بالمؤسسات الصناعية»، كما دعا إلى «تمكين البلديات والمحافظين لإجراء الرقابة واتخاذ الإجراءات بحق المؤسسات الصناعية كما جاء في استشارة هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل».

وفي الإخبار الذي تقدمت به «مصلحة الليطاني» أشارت إلى مخيمات للنازحين السوريين تم إنشاؤها على ضفاف النهر، «ما جعله مصرفاً للصرف الصحي ومكباً للنفايات، خاصة في ظل إقدام المتعهدين المكلفين بنقل مياه الصرف الصحي بواسطة الصهاريج من المخيمات، على تصريفها في النهر مباشرة».

ووصف الدكتور علي يعقوب، المختص في هندسة تكنولوجيا البيئة، ما يحصل في «الليطاني» بـ«الكارثة البيئية» مما أدى إلى مستويات هائلة من أمراض السرطان، لافتا إلى نكبة في بلدة حوش الرافعة الواقعة على ضفاف النهر؛ حيث تم تسجيل إصابة 45 شخصا بمرض السرطان. وعدّ يعقوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدولة اللبنانية «وصلت متأخرة إلى النهر الذي تحول بؤرة للنفايات والصرف الصحي»، مشيرا إلى «وجود نحو 720 مصنعا غير قانوني في المنطقة، وفقط ما بين 70 و80 مصنعا مرخصا له».