تبدو العقدة الجديدة في شجرة الحكومة اليابسة ذات صلة بالفأس الايراني ولن يتمكن أحد من حلّ مشكلاتها الاّ بموافقة ايرانية
 

من يعرف يفهم أن الحزب لا يستغل ورقة المستقلين السنة لأنهم أصلاً غير مستقلين ولا يوظفها من باب الكيدية السياسية أو الحكومية بالقدر الذي يدفع عن نفسه حصاراً أقوى مع المزيد من العقوبات عليه وعلى إيران وهو المتعفف دوماً عن الحضور في الحكومات طالما أنها تقرّ بالبيان الحكومي الدائم وتلتزم بسياسة الحياد عن سياسات الحزب ومتطلباته الأمنية وطالما أنه مكتف في المساحة التي يشغلها في الوسط الحسّاس فلا همّ عنده بالتوزير الناقص سواء كان له أو عليه لأن اهتمامه أبعد من اهتمامات باقي المشاركين في العمل الحكومي.

لهذا يدفع الحزب عن نفسه ضغوطات الخارج في ظلّ حصار قاهر لما أنجز ويتم الآن مصادرته وتطويقه من قبل الجهات الدولية والاقليمية بطريقة أبعدت إيران عن تناول الخبز الذي عجنته بدمائها ودماء التابعين لها بإحسان في العراق واليمن وسورية اذ جاءت النتائج في العراق غير متوقعة اذ لم يحصد الحشد الشعبي ما زرعه في الموصل ولم يفلح حلفاء إيران من استعادة أدوارهم في الحكومة التي استقامت على رؤية أميركية بعد فوز كاسح للمختلفين مع إيران وهذا ما حصل أيضاً في سورية اذ ان المسعف الحقيقي للنظام هو إيران وهي رغم قوتها الهائلة في الداخل السوري الاّ انها باتت خارج المشهد الاقليمي اذ أن الترتيب الجديد يتم وفق مصالح روسية - تركية في حين أن الدور والحضور الأميركي في سورية نفّس من أجواءالتفاهمات المنجزة في سورية لصالح النظام على حساب المعارضة وأكدّ استحالة الحلول دون موافقة أميركا لأن الروس والايرانيين ومعهم الأتراك وقفوا عاجزين أمام الوجود الأميركي في سورية وألقوا أسلحتهم أمام معاقبهم دفعة واحدة.

إقرأ أيضًا: الحكومة يقررها السيّد لا الرئيس المكلف

يبدو اليمن آخر الخسائر الايرانية اذا ما سقطت الحديدية باعتبارها نقطة تحوّل في استراتيجية الحرب لحساسية دورها كمرفق حيوي وكموقع مؤثر على المحافظات الأخرى في المجالات كافة وبهذا تكون إيران قد فقدت سيطرتها على الأوراق التي كانت تلوح بها بوجه العالم لتحسين دورها في المنطقة كقوّة مكلفة بإدارتها بحكم السيطرة.

هذا الواقع المزري ضاعفت من خسائره الايرانية الرزمة الجديدة من العقوبات الأمريكية بعد انسحاب ترمب من الاتفاق النووي الأمر الذي خسّر إيران ما ربحته في الاتفاق وهو الرضا الأمريكي والتعاون المعوّل عليه لفتح صفحة جديدة من العلاقات التي تعطي إيران ما تريده من الأمريكيين ويأخذ الأمريكيون ما يريدونه من الايرانيين. ومع وقوع الخسارة الكبيرة والفادحة والعودة مجدداً الى نقطة الصفر من الطبيعي أن يستخدم الايرانيون ما يرونه مناسباً للدفاع عن أوضاعهم المميتة لهذا سنشهد عودة جديدة لأدوار إيران في المنطقة بغية الضغط المطلوب لاعادة تصحيح الخطأ الأميركي بما يتناسب مع سياسات أوباما والتي عزّزت من الحضور ومن الدور الايراني في المنطقة ومكّنت إيران من تثبيت استقرارها الداخلي بعيد القضاء على الربيع الايراني.

من هنا تبدو العقدة الجديدة في شجرة الحكومة اليابسة ذات صلة بالفأس الايراني ولن يتمكن أحد من حلّ مشكلاتها الاّ بموافقة ايرانية لأن إيران ستنشر الكثير من العقد وفي أكثر من دولة لارباك الساحات بما لا يخدم مصالح الدول المستفيدة بغية الضغط عليها في مجال من المجالات التي تسيطر عليها إيران وآن الآوان كيّ تحركها طالما أن اللعبة باتت ضرباً مبرحاً ومن تحت الحزام.