تحديات تنظيم تدخين النرجيلة، كثيرة جداً وشائكة، خصوصاً أن التبغ الخاص بها يباع بطرق عشوائية ومنه ما يصنّع منزلياً، لا ضرائب عليها، وتدخينها يتفشى بطرق خطيرة خصوصاً بين الشباب، واحياناً بإمكان الشخص أن يدخن ما يعادل 100 سيجارة في جلسة تدخين النرجيلة بحسب إن كان يتشاركها مع غيره وان كان يغير الرأس كل برهة وكم تمتد جلسة التدخين! وبينت أحدث الدراسات أن الضرر من تعاطيها يفوق ضرر تدخين السجائر، وكذلك عند المدخنين السلبيين لها، اي بمجرد وجودهم في مكان تدخينها.

هذه التحديات اضطرت العاملين في القطاع الصحي ومعهم مدير مركز التعريف لمضار النرجيلة والاستاذ المحاضر في كلية الطب في الجامعة الاميركية الدكتور غازي زعتري الدعوة الى ورشة عمل إقليمية عنوانها “تحديات تنظيم تدخين النرجيلة” مع منظمة الصحة العالمية، والاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، ومركز التعريف لمضار النرجيلة والحد منه في الجامعة الاميركية في بيروت. وشارك فيها عدد من الاختصاصيين في التشريع والحد من التدخين من مصر وقطر والأردن وايران وجنوب افريقيا وباكستان وعمان والكويت وسوريا ولبنان.


 
ناقش المشاركون عدة نواحٍ أبرزها المتعلقة بالجانب القانوني كالتشريع والضريبة وتطبيق القانون 174 في الأماكن العامة، وكذلك الجانب الصحي وابرز الامراض المتعلقة بتدخين النرجيلة بشكل مباشر وغير مباشر، والجانب الاعلامي واهمية إشراك الاعلاميين بعملية نشر التوعية والوقاية.

نقّاش

وأوضحت الأستاذة المشاركة في الجامعة الاميركية الدكتورة ريما نقاش لـ “النهار” ان الدراسات السابقة وحملات التوعية تحدثت عن خطر تدخين السجائر دون التطرق لاخطار النرجيلة، من هنا كانت الحاجة لتنظيم هذا اللقاء على المستوى الإقليمي للتطرق الى موضوع يهدد الصحة خصوصاً لدى الفئات الشبابية.

وقالت إن كل المحاضرات سلطت الضوء على ضرورة تنظيم تدخين النرجيلة وذلك بتطبيق قانون 174 لمنع التدخين في الأماكن العامة على النرجيلة، وتطبيق الاتفاقية الإطارية التي تركز على قانون الحد من التدخين في الأماكن العامة والحد من الإعلان ومن الترويج ورفع سعر منتجات التبغ والتحذير من مخاطره.

وتحدث المشاركون عن ضرورة وضع ضريبة على منتجات النرجيلة أيضاً كي لا تصبح متاحة بسهولة في أوساط صغار السن.

واعتبرت الدكتورة نقاش “ان ابرز الأسباب الملحة لتنظيم النرجيلة هي ارتفاع نسبة الشباب مدخني النرجيلة الذين تبدأ أعمارهم من سن 13 الى 15 سنة حيث جرب 60 في المئة منهم النرجيلة، والمشكلة تكمن ان مضار التدخين، وتحديداً النرجيلة، ليست آنية انما ستظهر لاحقا. خصوصا ان مقاربة الشباب لها على انها للتسلية وتمرير الوقت واللقاء الاجتماعي، من دون وعي مخاطرها الكثيرة. والمسؤولية الاجتماعية تقع على دور المقاهي للالتزام بمنع التدخين في الأماكن المغلقة، وتحديدا منع بيعها لمن هم دون السن القانونية”.


 
وتحدثت عن الانبعاثات التي تأتي من تدخين النرجيلة وهي مواد مسرطنة مثل الزرنيخ والحديد وغيرها من المواد الكيمائية الخطيرة. ومن ابرز الآثار الامراض السرطانية، خصوصا سرطان الرئة والمثانة وامراض القلب والشرايين، والانسداد الرئوي المزمن. من هنا ضرورة تحذير المدخنين من مضارها من خلال وضع تحذيرات صحية على علب التبغ وفي المقاهي والملاهي التي تقدم هذا المنتج الضار.

وأكدت ان “دراسات علمية عديدة بينت مخاطر التدخين السلبي اي غير المباشر للموجودين مع اي مدخن للنرجيلة وآثاره لا تقل ضرراً عن اثار التدخين المباشر. لذلك تعتبر المقاهي المغلقة التي تعج بمدخني النرجيلة كأنها نوع من التسمم الجماعي بسبب خطر الانبعاثات، خصوصاً حين يحضر الأهل الأولاد دون خيارهم الى هذه الأماكن الخطيرة جدا على الصحة”.

وقالت ان “المحاضرات تطرقت الى الخطر الكبير الذي يعانيه الأفراد، خصوصاً العاملين في هذا النوع من المقاهي والمطاعم كونهم ابرز المدخنين السلبيين”.

وبعد ان تبادل المحاضرون الخبرات وطرق تعاطي دولهم مع الموضوع وأفضل تطبيقاتهم ليصار الى تعاون مثمر في هذا المجال، كان تأكيدا على ضرورة التعاون بين الجمعيات غير الحكومية التي تكافح التدخين مع المنظمات الصحية وصانعي القرار السياسي المحلي في كل من البلدان المشاركة، والعاملين في القطاع الصحي، والاكاديميين والاعلاميين، للتوصل إلى حلول فعّالة في مواجهة التحديات الكثيرة لضرر كبير لا نتلمسه بشكل فوري.