على عكس ما تمناها العالم جاءت نتائج الانتخابات النصفية الأميركية، فاحتفظ الجمهوريون بمجلس الشيوخ، بينما حصد الديمقراطيون غالبية مقاعد مجلس النواب، الأمر الذي فسره البعض، خطأً، بأنه صفعة لرئيس البلاد. 

الانتخابات التي وُصفت بأنهاء استفتاءٌ على أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، استمرّ الأخير فيها بالسيطرة على القرار السياسي على اعتبار أن التوجه السياسي يبقى بيد مجلس الشيوخ لا مجلس النواب.

يقرأ الأخصائي في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية خالد العزّي في نتائج الانتخابات الأميركية، ويرفض بغض النظر عن الأرقام في المجلسَين، الربط بينها وبين السياسة الخارجية، لأن الأخيرة تختلف كلياً بتطبيقها وتعاملها، لأن الأولوية بيد الرئيس وهو من يأخذ القرار، وليس بحاجة لموافقة مجلسَي النواب أو الشيوخ إلا في حال التوقيع على الاتفاقيات.

ويؤكد العزّي في حديثه لموقع "السياسة" أن الجمهوريين كانوا يخوضون الانتخابات ويحبّذون بقاء مجلس الشيوخ بيدهم، كونه إطلالة على الولايات، ويضم رؤساءها، وبالتالي التوجه السياسي في الولايات يبقى بيد مجلس الشيوخ، بينما لم نرى من الجمهوريين التحبيذ نفسه فيما يخص المحافظة على مجلس النواب، الذي يشهد دوما صراعاً بين الجمهوريين والديمقراطيين.

ويفرّق العزّي بين الفريقين، إذ أن توجُه الديمقراطيين الدائم هو نحو الداخل وحقوق العمالة والبطالة والاقتصاد... أما الجمهوريون فاتجاههم نحو السياسة الخارجية والتعاطي مع الاقتصاد العالمي والدول وتطبيق سياسة تقوم على مبدأ أولوية أميركا وسيطرة قرارها، ما ينعكس على الانتخابات، وتحديداً على مجلس الشيوخ الذي يميل لدفة الفريق الآخر إذا ما كان هناك أي انتكاسة فعلية للرئاسة أو أي مشكلة عدم ثقة بالرئيس.

ما يجعل من ترامب "منتصراً"، بعد سيطرة فريقه على مجلس الشيوخ والاحتفاظ بأقلية غير ضعيفة في مجلس النواب، "ما يعني أن الناخب الاميركي راضٍ عن كل ما يفعله ترامب من قرارات جريئة، كالخروج من الاتفاق النووي مع ايران، واتفاقية سباق التسلح، وفرض قوانين الهجرة الجديدة، وارسال الجيش إلى الولايات المكسيكية... ومقتنع هذا الناخب بأن كل ما يفعله ترامب لضمان الأمن القومي".

ويفسّر استاذ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية هذا الرضى بأن الميل إلى التطرف والذي جاء بترامب رئيساً للجمهورية، لا يزال موجوداً في أميركا. ويؤكد أن الرئيس لا ينفذ رأيه الشخصي في السياسة الأميركية بل ينفذ رأي المؤسسات الموجودة في أميركا "فالمواقف المؤسساتية الموجودة في أميركا، وهي دولة لديها مراكز ابحاث تبحث بالبعدين الاستراتيجي والسياسي والامن القومي، هي من يضع الخطط على أي رئيس لأي فريقٍ انتمى، انما الاختلاف يحصل في كيفية تنفيذ هذه الخطط، فهناك رئيس قد ينفذ هذه الخطط بطابع داخلي وعبر لم الشمل، وآخر ينفذها من الخارج بفرض الهيبة الأميركية".

إذاً، ما علينا بعد هذه النتائج إلا توقّع المزيد من القرارات المفاجئة، وليس على العالم إلا  التماشي مع سياسة الجنون الترامبي لحين انتهاء ولايته في العام 2021، إلا إذا كان في انتظارنا مع صعود اليمين المتطرف في أميركا رئيساً أكثر جنوناً ؟؟!!