السياسيون في لبنان هم الذين يُصرّون على الإمعان في إستغباء الناس ويشوهون الشاشة الصغيرة بكلامهم المعسول وأحاديثهم الملفقة وأكاذيبهم المفضوحة
 

هل هم أغبياء؟ أم أنهم يتغابون؟ لكن الأرجح أنهم يستغبون الناس. 

هؤلاء المتسلقون إلى مواقع السلطة في غفلة من الزمن والذين أفرزتهم الحروب الأهلية الآتين من خلف المتاريس والذين تبوأوا المناصب الرئاسية والنيابية والوزارية والإدارية بقوة الأمر الواقع وبدعم غير مسبوق من قوى خارجية للإمساك بمفاصل البلد للتحكم بقراراته ومصيره خدمة لمشاريع إقليمية ودولية، وهم الذين يتحايلون على الدستور والقانون لإضفاء شرعية على احتكارهم للمواقع التي يتنافسون لإعتلائها والهيمنة عليها من خلال فرضهم لمعادلات سياسية ومعايير لا تخدم إلا استمرارهم في الحكم ومن خلال قوانين انتخابية ممسوخة يفصلونها على قياس أحزابهم وميليشياتهم وتنظيماتهم. 

إقرأ أيضًا: الوطن في الطريق إلى الموت

هؤلاء هم الذين يُصرّون على الإمعان في إستغباء الناس ويشوهون الشاشة الصغيرة بكلامهم المعسول وأحاديثهم الملفقة وأكاذيبهم المفضوحة وإدعاءاتهم الفارغة ويسيئون إلى المنابر الوطنية والدينية التي يعتلونها بمناسبة وغير مناسبة بسقوف خطبهم العالية والفارغة من أي مضمون سوى الصراخ والتشدق بالأضاليل وتوزيع الإتهامات بالتقصير والتقاعس يمنة ويسرة، وكأنهم خارج منظومة الفساد والصفقات المشبوهة والرشاوى واللصوصية التي أفلست البلد وأوصلته إلى حافة الإنهيار الإقتصادي والمعيشي والمالي والتفكك الإجتماعي وزرع بذور الفتن الطائفية والمذهبية. 

إقرأ أيضًا: الصراع في لبنان طبقي وليس ديني

وهم الذين يُبالغون في تلميع صورهم البشعة وإضفاء مسحة من النصاعة والبياض على تاريخهم الأسود وعلى صفحاته الملطخة بالدم ويجتهدون في الإجادة في فن التملص من المساءلة والهروب من مسؤولية تدحرج البلد نحو الهاوية والتباهي بإنجازات وهمية والتنافس على طمس الحقائق عن عين المواطن الذي لم يعد يفوته إنغماسهم في مهاوي الفضائح وهدر المال العام والتعسف في ممارسة صلاحياتهم، الأمر الذي أوصل البلد إلى حالة الإفلاس والذي بات يدرك جيداً أن ادعاءاتهم ليست سوى محاولات يائسة وغبية للهروب نحو الأمام ودفن رؤوسهم في الرمل وأنه لم يعد ينطلي عليه خداعهم وأباطيلهم وأنهم هم الأغبياء. 

فإن الغبي هو من يستغبي الناس.