في لبنان تحل بنا مصائب وتصب على رؤوس الجميع بقدر الأدعية الموزَّعة في مساحة أبناء الوطن
 

يقول بعض من رافق الإمام موسى الصدر في مدينة صور، أنه وعند خروجه من إحدى المناسبات جاءته إمرأة ومعها ولدها وقالت له: "إن ولدي يعاني من وجع في رأسه فهل لك أن تدعو الله له بالشفاء"، "فتبسَّم الصدر ومسح على رأسه متمتماً بعض الأوردة"، وعندما انتهى قال لها "لا يضر إعطاؤه حبة (باندول)". 

قد يراها الكثير أنها طرافة من الإمام الصدر،إلا أننا نراها معادلة منطقية وعلمية تحمل أبعاداً في العلاج والتقدم نحو العافية والإستشفاء، أما الإعتماد فقط على الدعاء من دون الجهد والعمل وفهم مجريات الأمور فهذا لن يغيِّر شيئاً في واقع الأمر والسير نحو المجهول، لأن سنن الله لن تجد لها تبديلاً، (فلن تجد لسنة الله تبديلاً.. لن تجد لسنة الله تحويلا)، في أمريكا ـ وبلاد الإلحاد والكفر ـ قلما يستخدمون الدعاء في حياتهم لأنهم مسيطرون على مجريات الأمور وهامشية المجهول لديهم، لأن الفشل لا يعالجونه بالدعاء والرقية، بل بدراسة الأسباب التي أودت إليه، ولا ينسبون الفشل إلى (القضاء والقدر) بل ينسبونه إليهم وبالتالي يعالجون الأسباب ويتقدمون إلى النجاح ولهذا نراهم متفوقون بالسيطرة على كل الأمور اليومية في حياتهم العملية، وعندنا في عالمنا الإسلامي وبفعل هول مساحة المجهول وعدم معرفة الأمور نلجأ كثيراً إلى الدعاء ولو في موعد إنجاز معاملة (إخراج قيد). 

إقرأ أيضًا: مفتي موديل السنة...!

في لبنان تحل بنا مصائب وتصب على رؤوس الجميع بقدر الأدعية الموزَّعة في مساحة أبناء الوطن، فكسلنا وتثاقلنا وعدم تحمل المسؤولية من صغيرنا إلى كبيرنا، ومن قيادتنا الرشيدة ونوابنا الأفذاذ ووزراؤنا الأعلام، يمحث بركة كل دعاء مع أنَّ الله تعالى يقول: (أدعوني أستجب لكم، أمَّن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض)، فنحن ندعو الله في حركاتنا وسكناتنا ومع ذلك لن يستجيب لنا الله، أكثر من نصف قرن والمسلمون يدعون بمحق الكفار والمشركين وبمحق الأعداء الذين يتربصون بكل دوائرنا، ومع ذلك لن يستجيب لهم الله، وفي نفس الوقت اليابانيون والصينيون والألمان فلا يستعملون الدعاء ولا يدعون ولا من يحزنون، فينجزون أكثر منا ونحن ندعو على مدار الساعة بتوقيتها الصيفي والشتوي، فأين الخلل؟ وهو القائل: (وإذا سألك عني عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، لعل الخلل عندنا هو أن أكثر أدعيتنا هي أدعية عدائية عدوانية ندعوه بهلاك 90 بالمئة من الجنس البشري، وندعو على بعضنا البعض نحن المسلمون، ونرجع بالدعاء إلى الوراء إلى ماضينا وتراثنا وتاريخنا، فما زلنا على هذه الثقافة والقناعة فلن يستجيب الله لنا ما دمنا نعز فقرنا ومصائبنا وكسلنا وفشلنا إلى (القضاء والقدر) ونحلها بالدعاء، ونحن نؤمن بخالق واحد وبربٍ واحدٍ فهو يستجيب لليابانيين والطليانيين ودول الكفر ولو من دون دعاء، لأنهم عملوا واجتهدوا وعرفوا مواقع الخلل والفشل وبادروا إلى عملهم باتقان ونجاح ومن دون دعاء فاستجاب لهم الله...