يبدو أن إيران التي دفعت تكلفة قرار الرئيس ترامب خلال الشهور الأخيرة، تريد أن تصمد وتقف في موقع المتفرج
 

مع دخول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإعادة الدفعة الثانية من العقوبات على إيران حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم يبدو أن الاوضاع في إيران مستقرة وعلى عكس ما هو كان يتوقع فإن سوق العملات الأجنبية لم تشهد تقلباً وأما السوق المالي (بورصة طهران) شهدت انتعاشاً ملحوظاً مما يفيد بأن العقوبات الأميركية الثانية التي عبر عنه الرئيس ترامب بأنها هي الأقسى من نوعها، لم تكن قاسية ربما لأنها تركت تأثيرها قبل دخولها حيز التنفيذ. 

وربما لأن إعفاء ثماني دول من زبائن إيران النفطيين من تلك العقوبات أحبط الكثير من مفاعيل تلك العقوبات.

ومن جهة ثالثة فإن وقوف أوروبا والصين وروسيا بجانب إيران وقرار الإتحاد الأوروبي بتصميم قناة للتبادل المالي مع إيران التي تعوض عن شبكة سويفت العالمية سيخفف الكثير من الضغوط على إيران، فإن إيران عندما فرضت عليها تلك العقوبات في 2012 في عهد الرئيس باراك أوباما لم يقف أي دولة معها والجميع طبّق تلك العقوبات التي كانت تستند إلى قرار مجلس الأمن، ورأينا حتى روسيا نفذت تلك العقوبات الدولية منها والأميركية لأنها قد جاءت من منطلق أن إيران باتت مصدراً لتهديد الأمن الدولي. 

إقرأ أيضًا: إيران تدعو السعودية لإعادة النظر في سياساتها

ولكن الوضع يختلف الآن حيث أن إيران تدفع تكلفة التزامها بالقرارات والمواثيق الدولية وأميركا هي التي خرقت تعهداتها بانسحابها الأحادي من الإتفاق النووي. 

وهكذا يبدو أن إيران التي دفعت تكلفة قرار الرئيس ترامب خلال الشهور الأخيرة، تريد أن تصمد وتقف في موقع المتفرج لتنظر أن الدور وصل إلى أميركا لتدفع هي أيضا تكاليفها. 

إن ترامب كان يحلم بخفض صادرات إيران إلى الصفر في حين أنه يعود من قراره ويعفي 8 دولاً من تلك العقوبات، فأي عقوبة هذه أيها الرئيس الأميركي؟!

هذا ما يقصد روبرت مالي مستشار الرئيس أوباما قوله حيث يقول أن العقوبات النفطية هي بمثابة دعم للدول المصدرة للنفط لأنها تسبب في ارتفاع أسعار النفط. وأحد أكبر تلك الدول هي روسيا التي تستغل هذه الفرصة لتقوي موقعها بين الدول المصدرة للنفط. 

إقرأ أيضًا: إيران ومصداقية شعار الموت لأمريكا

ويؤكد روبرت مالي على أن الإنسحاب من الإتفاق النووي كان خطأ فادحاً ستدفع الولايات المتحدة تكلفته وهو أولاً المزيد من عزلتها على المستوى الدولي وثانياً أن هذا القرار يفتح طريقاً لسائر الدول للتملص من تعهداتها الدولية. 

ويضيف المستشار الرئاسي السابق أن أغلبية الدول لن تتمكن من خفض وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر وستضطر الولايات المتحدة من إعفاءهم. 

كما أن اليابان وكوريا الجنوبية ستتضرران بحال عدم إعفاءهما من العقوبات كثيراً كما أن الهند لا تقدر على وقف واردات النفط الإيراني لأن مصافيها صممت وفق معايير النفط الإيراني. 

هل تعوضهم الولايات المتحدة عن جميع تلك الخسائر؟