سيكون هناك شريحة ضخمة من الشباب والموظفين من حزب الله بدون عمل مما سينعكس على الأزمة الإقتصادية والإجتماعية
 

"طالما بإيران في فلوس، يعني نحن عنا فلوس"، بهذا الوضوح تحدث أمين عام حزب الله في إحدى خطاباته مطمئناً جماهيره وأتباعه بعيد حزمة العقوبات الأولى على إيران، ومع سريان الحزمة الثانية التي انطلق العمل بها اليوم (الإثنين) والتي تعتبر الأقسى والأشد وبناءاً على ما قاله السيد فإن إيران ستواجه حتماً نقصاً كبيراً وشحاً في "الفلوس" ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على موازنة حزب الله وفلوسه.
 

بالسياسة، وإن كنا نعارض أداء النظام الإيراني بالمنطقة عموماً وفي لبنان بشكل خاص، إلا أن هذا لا يعني بأن نغض النظر عن أزمة حقيقية ستطال شريحة كبيرة من اللبنانيين، فحزب الله الذي يعتمد بشكل أساسي على مبدأ التفرغ (التوظيف) في صفوفه حتى بات عبارة عن جيش كبير من الموظفين لا شك أن وضع هؤلاء سيتهدد إذا ما توقف المدّ الإيراني وسيكون هناك شريحة ضخمة من الشباب والموظفين بدون عمل مما سينعكس على الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها عشرات بل آلاف من الشباب الشيعي، سيتضررون من هذه العقوبات، القليل القليل منهم قد يجد بدائل له يكمل من خلالها حياته ويؤمّن معيشته، أما الشريحة الأكبر منهم فلا عمل عنده ولا مصدر رزق آخر، بالخصوص أولئك المتفرغون في مجال العسكر، والذين تركوا تعليمهم ومدارسهم ليلتحقوا بالحزب بسنّ مبكر، فلا هم من حملة الشهادات ولا هم تعلموا "مصلحة" يمكن أن يعتاشوا منها.

إقرأ أيضًا: خلاف العهد مع حزب الله حقيقي أم مفتعل؟

صحيح أن من المبكر الآن الحديث عن صرف العاملين في صفوف الحزب، وأن حزب الله قد يكون من آخر "الشركات الإيرانية" المتضرّرة، إلا أن سياق الأمور يُنبىء أن مثل هذا اليوم آتٍ لا محالة في الأسابيع والأشهر القادمة بحسب مجريات الأحداث، فحتى وإن حلّت الأزمة الأميركية الإيرانية، فإن واحدة من أهم شروط الحل هي منع الدعم المالي عن المنظمات والأحزاب المصنفة إرهابية وفي مقدمها يأتي حزب الله بالإضافة لحماس وطالبان والجهاد وغيرها.

ومن بديهيات القول أن المال الإيراني الذي كان يتدفق على موظفي حزب الله، كان يساهم بشكل ملحوظ في قيام دورة إقتصادية يستفيد منها ليس من هو بالحزب أو مؤيد له، وإنما هذه الدورة كانت تساهم بإنعاش الإنكماش الإقتصادي بمناطق نفوذ الحزب بشكل عام، بالأخص بالضاحية الجنوبية وجنوب لبنان وبقاعه، مما يعني أن هذه البيئة ستضرر بشكل كبير مع توقف الضخ المالي بعروقها، وهذه المرحلة وانعكاساتها الإقتصادية والإجتماعية المرعبة يجب أن تكون الشغل الشاغل (مع بدء العقوبات) للقيمين على شؤون الطائفة الشيعية، لأنه صحيح أن العقوبات على إيران إلا أن الصريخ سيكون في لبنان.