سيُجمع كل مَن شارك في انتخابات المجلس السياسي لـ«التيار الوطني الحر»، إقتراعاً وترشيحاً، على وصفها بالديموقراطية المنزّهة من أي شائبة أو بقعة سوداء قد تلطّخ نظافتها. يكفي بنظرهم تكريس مبدأ الانتخاب، أمّا «التقريش» فتلك مسألة أخرى.
 

وقد لا يجدون من يُجادلهم بطرح معاكس أو يواجههم بـ»سقطة» تلوّث العملية الانتخابية، طالما أنّ التنافس محصور بين رفاق الصف الواحد، «المنضبطين»، ولا حاجة بالتالي لأي تدخّل «سلطوي» من رأس الهرم، لتصويب النتائج. ولكن كيف يمكن إقناع المعترضين بمصادفة حلول زياد نجار، مدير مكتب رئيس «التيار» للخدمات، أوّلاً في أرقام النتائج، وهو أكثر الأعضاء هدوءاً وفاعلية في المجلس السياسي المقصّرة ولايته؟

قد يأتي الرد أنّ للرجل شبكة علاقاته داخل التنظيم بَناها منذ جلوسه إلى جانب رئيس الحزب، وسمحت له بتجاوز كل رفاقه في عدد الأصوات الاقتراعية التي نالها، ومن بينها 4 أصوات من البترون. ولكن النتيجة قد تسمح للمعترضين بالقول: هذا ما يريده جبران باسيل!

على كلّ، أنهى «التيار الوطني الحر» انتخاب مجلس سياسي هو الثاني له منذ انتظام «التيار» في قالب الحزب بعد التقدّم بعلم وخبر إلى وزارة الداخلية، وفق نظام داخلي تمّ تعديله في اللحظات الأخيرة لولادة الحزب.

أمّا الهيئة الناخبة فهي المجلس الوطني المؤلف بشكل أساسي من مجالس الأقضية التي تمّ انتخابها منذ فترة قليلة. ويتم احتساب صوت كل عضو في مجلس القضاء على أساس المنتسبين في هذا القضاء. فيقسّم عدد المنتسبين على 50 لتحديد عدد الأصوات التي ستكون ملك الناخب المعني.

هكذا تكون جبيل على رأس القائمة، ويقدّر صوت كل ناخب في مجلس قضائها، بـ14 صوتاً. أي انّ المرشّح الذي ينال صوتاً من جبيل، يُضاف الى حسابه 14 صوتاً.

فيما تعتبر كسروان، المتن وعكار، بالتساوي، ثاني الناخبين الكبار، بـ13 صوتاً لكل قضاء. من بعدها بعلبك - الهرمل 10 أصوات، ولكل من بعبدا وعالية 8 أصوات، ولكل من الشوف والبترون 7 أصوات، زحلة 6 أصوات، بيروت الأولى 4 أصوات، زغرتا 3 أصوات، بيروت الثانية صوتان... أما أصوات النواب وممثلي النقابات والاغتراب وبقية القطاعات، فيبقون صوتاً واحداً.

صبيحة يوم الأحد، بلغ عدد الترشيحات 15، وتنافس المرشحون على 6 مقاعد، وهم: زياد نجار، جيمي جبور، مالك أبي نادر، شربل خليل، جان رحمة، وديع عقل، نادين نعمه، روني جدعون، فايز النجار، وليد الأشقر، غسان عطا الله، جيلبار سلامه، جوزيف فهد، الياس عزام، وميشال أبو نجم.

بهذا المعنى لعب الانتماء المناطقي دوراً مهماً في تحديد هوية الفائزين. جيمي جبور، القيادي العتيق المحبوب من رفاقه العكاريّين، والذي أثبت حضوراً ملفتاً في الانتخابات النيابية، إتّكَل على أصوات أعضاء مجلس قضائه ليحلّ ثانياً في النتائج (جمعَ 4 أصوات من أصل 5 تشكّل مجلس القضاء).

وكذلك فعلَ جوزيف فهد، المنسّق السابق لمنطقة كسروان، لحجز مكان على لائحة الفائزين، فنال 3 أصوات من كسروان فيما ذهب صوت لمصلحة وليد الأشقر، وهو أيضاً من القدامى، وقد «لَملَم» أصواتاً من العديد من المناطق، أهمها صوتان من جبيل، بعدما أقفلت عكار في وجهه. الملاحظ أنّ المتن وزّع أصواته ولم يَخض معركة مرشّح من بين أبنائه مع أنه من كبار الناخبين، فيما 3 من الفائزين هم من الشمال.

وقد جاءت النتائج على الشكل الآتي: زياد يوسف النجار (102 صوت)، جيمي جورج جبور (84 صوتاً)، جوزيف فيليب فهد (79 صوتاً)، وليد نديم الأشقر (73 صوتاً)، وديع بطرس عقل (69 صوتاً)، شربل أديب خليل (59 صوتاً). وبلغت نسبة الإقتراع 94%.

وكان باسيل قد قال، خلال افتتاحه جلسة الانتخاب: «أحد أهم ركائز نظامنا هو الديموقراطية، ونعيشها بشكل غير مسبوق في أيّ تيار أو حزب سياسي في لبنان. و»التيار الوطني الحر» اعتمد الفصل بين العمل التنفيذي والعمل الرقابي والتشريعي، وأرسى معيار الديموقراطية بوجوهها كافة».

ولفت الى أنّ «ما يحصل في الحكومة يؤكّد صوابية رؤيتنا ومواقفنا. واليوم يعود الجميع الى فكرة المعايير والتيار القوي، والتحدي كبير للسنوات الأربع المقبلة». وأكّد على ضرورة أن «نكون مُنتجين وأقوياء من الداخل لننطلق الى الخارج. ونحن ثابتون وأقوياء وحاجة للبلد».