إيران لا تريد مواجهة العقوبات الأميركية عبر الساحة اللبنانية
 

برزت عقدة ما يُسمى بسنة 8 آذار، وتفرملت معها تشكيلة الحكومة التي كان يطمح الرئيس ميشال عون أن تعلن قبيل إطلالته الإعلامية التي جاءت مبتورة وباهتة وخالية من أي حيوية، إذ كيف لرئيس جمهورية أن يخرج على اللبنانيين ليخبرهم عن  " إنجازاته " في عامين سابقين، وهو عاجز عن تشكيل حكومة عهده الأولى بحسب ما يسميها هو نفسه ! 

 

قيل كثيراً، وكُتب كثيراً، عن هذه العقدة المستجدة، وتم ربطها بمعظم الأحيان بالعقوبات الأميركية على إيران، وبأن حزب الله وقرار إيراني يريد أخذ لبنان رهينة وتركه من دون حكومة ما لم يتم الحديث معها من قبل الغرب ( فرنسا تحديداً ) للمقايضة وما إلى ما هنالك .

 

وقيل أيضاً، بأن إفتعال حزب الله لهذه العقدة، هو من أجل عدم السماح لرئيس الجمهورية بأن يمتلك وحيداً مع تياره الثلث المعطل، مما يعني بأن مساحة من عدم الثقة والتباين بين الطرفين أخذ بالإتساع وبالتالي فاعتبرت هذه الخطوة موجهة ضد رئيس الجمهورية وليس فقط ضد الرئيس المكلف سعد الحريري العائد من السعودية حديثاً على وفاق تام مع ولي العهد " وبكامل حريته " .


اقرأ ايضا: مي شدياق ... عقدة العقد
 

أما أنا فلا أستطيع أن أصدق بأن إيران تريد مواجهة العقوبات الأميركية عبر الساحة اللبنانية، بالخصوص أن ساحة العراق كانت أكثر تأثيراً لو أنها مارست التعطيل هناك، فالعراق بما يمثل من موقع جيوسياسي وما يتضمنه من ثروات نفطية هو الأجدى بأخذه رهينة والمقايضة عليه من لبنان البلد الصغير المديون والمكسور، بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الجبهة الجنوبية مع إسرائيل هي خارج التداول بهذه الرحلة على الأقل. 

أعتقد بأن الخيار الإيراني ومن خلال عدة مؤشرات يقول بأن المواجهة مع أميركا ترامب غير وارد إطلاقاً، وأن أقصى ما تُراهن عليه إيران هو تحوّل ما في السياسة الأميركية يساهم بالتخفيف من ثقل العقوبات وآثارها، فكل ما تستطيع إيران فعله أمام إندفاعة ترامب هو العمل على تقطيع مرحلة العقوبات بأقل الأضرار الممكنة ليس إلا ، وصولاً إلى إنتهاء عهد ترامب مع الأمنيات أن لا ولاية ثانية له، وحتى وصول إدارة جديدة يكون حينئذ لكل حادث حديث .
 

وفي هذه المرحلة القادمة، المطلوب لبنان أن يلعب دور النافذة الخلفية لإيران ولإقتصادها وبأن يكون بمثابة الحديقة الخلفية الذي يمدّ إيران بما تحتاجه، والرئة التي تتنفس منها، وهذا الدور المفترض لا يمكن أن يتحقق في ظل رئيس جمهورية محسوب بالكامل على حزب الله ويأتمر بأوامره مع رئيس حكومة لم يواجه لمرة واحدة سياسات حزب الله، فكان لا بد من خلق مساحة وهامش بين الحزب من جهة وبين الرئيسين من جهة أخرى وهنا فقط يمكن فهم عقدة النواب السنة المفتعلة والتي أتوقع أن تُحل بطريقة يخرج فيه حزب الله وكأنه منصاع " لقوة فخامته " وتعنت " دولته " تمهيداً للدور المطلوب منهما لاحقاً .