الصدفيّة مشكلة جلدية يمكن أن تصيب الجميع، ولا يقتصر هذا المرض على المظهر الخارجي للجلد، بل يتخطّاه ليهدّد حياة المصاب في حال الإهمال وتطوّر العوارض، ناهيك عن التأثيرات السلبية على حياته الاجتماعية. فهل العلاجاتُ فعّالة؟

يصادف 29 تشرين الأول اليوم العالمي لمرض الصدفية، وبهدف نشر الوعي لتحفيز المرضى على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، عقدت الجمعية اللبنانية للأمراض الجلدية، مؤتمرها السنوي لتسليط الضوء على هذا المرض، وبالتزامن انطلقت في هذا الصدد حملة توعوية شاملة حول الصدفية في كل أرجاء لبنان.

في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء الجلد في لبنان الدكتور فؤاد السيّد الذي استهلّ حديثه قائلاً إنّ «حوالى 2 في المئة من الناس حول العالم يعانون من مرض الصدفية، ورغم تأثيره على الشكل الخارجي للجلد، إلّا أنه ليس بمشكلة جمالية، بل هو من المشكلات المزمنة التي يصعب التخلص منها نهائياً. ويمكن أن يصيب هذا المرض جميع الأعمار وفي كل مواسم السنة، ولكنه يصيب بشكل خاص الفئات العمرية التي تراوح بين سن الـ18 والـ40، كما يمكن لأنواع من الصدفية أن تتحسّن في فصل الصيف بسبب منافع تعرّض الجلد المصاب في هذا الإطار للشمس والأشعة ما فوق البنفسجية».

روماتيزم الصدفية

أسباب وعوامل عدّة يُرجَّح أنها المسؤولة عن الإصابة بالمرض الذي يمكن أن يصيب الجلد والرأس والأظافر. ويشرح د. السيد أنّ «عادةً، يسبّب الصدفية العامل الجيني الوراثي، أمّا العوامل المحفّزة لتأزّم هذا المرض فهي الدهون الثلاثية أو ما يُعرف بالتليغريسيريد في الدم، اضافةً الى مشكلات الضغط والسكري وأمراض القلب وزيادة الوزن.

في المقابل، يمكن للصدفية أن تظهر في أيِّ مكان كالرأس مثلاً حيث تسبّب القشر السميك في فروته، أو حتّى على مستوى الأذن والوجه والأظافر، أو في الجسم فيصيب البطن والفخذين وكف اليدين والرجلين. وتتعدّد اشكال الصدفية فمنها سهلة وتتحسّن على العلاجات ومنها اكثر تعقيداً، ومنها المعروفة «بروماتيزم الصدفية»، التي يعاني منها 20 في المئة من المرضى المصابين ويكون وضعهم سيّئاً، الامر الذي يتطلّب علاجات دقيقة جداً للحدّ من آلام المفاصل الناتجة عنها».

الحقن البيولوجية

لا يُعتبر الصدفية مرضاً معدياً نهائياً، ورغم ذلك يؤثر على نشاطات الشخص اليومية، وبحسب د. السيّد «كثير من المرضى يتوقفون عن عملهم أو يُطردون منه بسبب عوارض المرض الظاهرة على رأسهم أو جسمهم. على الأثر، يجب على كل مريض يلاحظ ظهور أيّ بقعة على جلده التوجّه للاختصاصي للكشف عليه وتشخيص حالته التي في حال اشارت الى الاصابة بالصدفية وحُدّد نوعها، يتمّ عندها تحديد العلاج المناسب لها. وفي السنوات الاخيرة تطوّرت العلاجات بشكل ملحوظ لتعطي نتائج فعّالة جدّاً، فغير العلاجات الكلاسيكية كالكريمات الموضعية التي لا تكفي المريض إذا كانت حالته متقدمة، تطوّرت العلاجات المخصّصة للصدفية خصوصاً الحقن البيولوجية التي ساهمت في تغيير حياة المريض بطريقة فعالة جدّاً.

وبما أنّ غالبية المصابين يعانون من مشكلة مزمنة، يكون علاجهم طويل الأمد، بهدف اعطائهم مظهراً جماليّاً مقبولاً للجلد مكان البقع، مع إدارة العوارض الناتجة عن المرض، وبالتالي يتحسّن وضع المريض بالتعايش مع الصدفية وتحسين نوعية حياته الطبية والاجتماعية».

النوبات القلبية

لا يوجد شفاء تام من الصدفية، ولكن يمكن التحكّم به من خلال المواظبة على تناول الدواء بحسب ما يقرّره الاختصاصي، ويوضح د. السيد أنه «لا يمكن التحسّن بلا دواء، لا بل العكس هو الصحيح، خصوصاً أنه يمكن للعوارض أن تتفاقم إذا أهمل المريض نفسه، لا سيما الحكاك المستمر في البقع، وعند بعض المرضى المصابين بالصدفية الحادة والمستعصية قد يصابون بالالتهابات في المفاصل التي تترافق مع المشكلات الجلدية كالالتهابات الجرثومية.

ومع استمرار المرض المستعصي والحاد لسنوات عدة يصبح المريض معرّضاً أكثر للإصابة بالعوارض الخطيرة كأمراض القلب التي تهدّد حياته».

لا توجد وقاية... ولكن!

من المهم أن يعي الناس أنّ الصدفية مرض مزمن يحتّم التزام المريض بتناول الدواء تماماً كمريض السكري. ورغم عدم وجود خطوات للوقاية من الإصابة بالمرض، توجد طرق تحدّ من تفاقم المشكلة، ويلفت اليها د. السيّد قائلاً: «من الضروري التخلّص من الوزن الزائد والالتزام بعادات يومية صحية لا سيما في الاكل والشرب، ومعالجة الامراض في حال عانى منها الشخص كمشكلات الضغط والقلب والكلى»، مشدّداً على «ضرورة التوجّه الى الاختصاصي للحدّ من المعاناة والهواجس اليومية الناتجة عن الإصابة بالصدفية، خصوصاً أنّ نتائج العلاجات الجديدة واعدة وفعّالة وتمكّن المريض من العودة الى حياته اليومية طبيعياً، بينما الإهمال يُدخله في دوامة لا متناهية من المشكلات التي قد يصعب علاجها».