من يسمع التقارير المعدة والبرامج المختصة بفبركة تجربة نضالية دسمة لأفكار وقيادات و أحزاب و دول لم تكن مجتمعة يوماً لا على عدو ولا على صديق
 
تعيد هذة القناة سرد قصص الماضي بطريقة عنترية توحي ببطولات و أمجاد أفكار و أحزاب ودول عطلّت الحياة وقادت الأمّة نحو هاوية سحيقة لم تستطع الصعود منها لكثرة جورها و دهاليزها المظلمة وتمتد في سردياتها التي باتت جزءًا لا يتجزأ من رسالتها الصوتية و الصورية لإدهاش المشاهد بإنجازات ثوروية لم تفض الا الى خراب البصرة وتدمير الشعوب التي آمنت بفعل أفكار تحررية تبيّن لها بعد تجربة مرّة بأنها مجنونة و أكثر استبداداً من السائد المستبد سواء كان محلياً أو وافداً كمستعمر ومحتل أجنبي .
 
من يسمع ويرى شهادات التاريخ البطولي لأمجاد قادمة من التجربة البلشفية والماوية والكوبية والماوية والناصرية والبعثية والاشتراكية المطعمة بنكهة اسلامية كما هي ثورة المليون شهيد في الجزائر مروراً آثماً بالتجربة اليمنية والسودانية والليبية واللبنانية التي بلعت الدولة وخربت المواطنية بعد أن عززت الفوضى سبيلاً لثورة لا تهدأ و بأشكال نضالية سيئة كما أن التجربة الايرانية الأكثر حضوراً يُعاد بثها يومياً في صراعات مذهبية طاحنة قضت على القدر المتبقي من قيمة معنوية لأمّة مفككة البراغي ولا يمكن إعادة تركيبها لعدم صلاحية المواد و الأدوات معاً إضافة الى الأمّة نفسها المستعصية على أي وحدة بعد تجزئتها وتمزيقها الى أشلاء ميتة لا حياة فيها .
 
 
من يسمع التقارير المعدة والبرامج المختصة بفبركة تجربة نضالية دسمة لأفكار وقيادات و أحزاب و دول لم تكن مجتمعة يوماً لا على عدو ولا على صديق لطالما كانت الاختلافات في ما بينها تأكل أرصدتها الموضوعة في بنوك من الشعارات التي صرفت ولم تتحقق طيلة مراحل سيطرتها على المشهدين العربي والاقليمي حتى الدولي أثناء بروز الاتحاد السوفياتي كمعادل للقوة الغربية لم يكن على مستوى التطلعات الاشتراكية . يظن أن فلسطين عربية و أن اليهود فشلوا في كيانهم المصطنع و أن هؤلاء الثوار حرروا فلسطين وباتت عروسة العروبة التي لم تتأخر عن دفع الأمّة الى الأمام فكانت تجربة منحت الشعوب العربية رخاءً لا مثيل له في تنمية متعددة الوجوه جعلت المواطن العربي من أرقى مواطني العالم ففرص الأعمال موفرة وبوفرة عالية وبنسبة احتاجت الى جلب المزيد من العمالة الأجنبية لتغطية مجالات النمو في عالم مترفع عن البطالة والفقر والجهل و الأميّة فكانت مصر الناصرية مرآة عربية تموج بها حقول الخير وكان العراق وسورية تجربة مفتوحة على قيم قومية علمت أوروبا كيف تكون القومية مجالاً حيوياً يتسع للجميع وفق مساواة حقيقية في الحقوق والواجبات دون زيادة او نقصان طالما أن ثروات الأمّة ملك الأمّة لا ملك أفراد وعائلات وشبكات مصالح كما هو حال العائلات الملكية التي تمتص الثروات الأوروبية لصالح أفراد يبذخون من المال العام دون قيد أو شرط لا كما هو الحال في دول القومية حيث الرئيس فلاحاً ابن فلاح يداوم في الحقل أكثر مما يداوم في قصر الرئاسة لأنه ابن الشعب ومُلك الشعب وخادمهم الصالح  لا يترك منجل حصاد في مواسم العطاء وكم بهرتنا صور صدام حسين ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح وآخرين لونتهم حقول الحنطة وهم يقفون في الظهائر غرساً لزرع أو حصاداً لنسل .
 
تبدو سخافة الاعلام في تسطيح العقول وإبقائها أسيرة مخيلة أرهقت البلاد والعباد ودفعت بأمّة كاملة نحو مجهول ثمّة استحالة على الصعود منه أو الخروج من أنفاقه مادامت الماكنات الدعائية تسوق لبضاعة مُزجاة تلبية لرغبات الثروة التي تتلطى بالثورة بحيث لم يعد هناك من إمكانية للفصل بينهما بل بات لصيقان ببعضهما البعض فلا الحديث عن الثورة بدون الثروة ولا عن الثروة بدون الثورة وهذا ما أعاب تجاربنا المعاصرة في المقاومات والمعارضات وهذا ما خسرها أرصدتها واعتبرها امتداداً تاريخياً للهزائم التي منيت بها الأمّة و إن رفعت علامات النصر فهذا الرفع لا يجعلها من الفاتحين لسوء العاقبة وسقوط الرهان .