يطرح كثير من الأهالي سؤالاً موحّداً ألا وهو: «هل طفلي إجتماعي أم لا؟». ويقلق الكثير منهم أيضاً لاسيّما حين يكون الطفل خجولاً أو إنطوائيّاً ويبدأون البحث عن سبيل لإخراجه من هذا التقوقع. والجدير بالذكر حول هذا الموضوع هو أنّ النموّ الإجتماعي عند الطفل خلال مراحل الطفولة كلّها أساسي لانفتاحه. كما أنّ دور الأهل أساسي في تشجيع الطفل على الإنخراط في المجتمع وتكوين صداقات وتوسيع علاقاته الإجتماعية. ولكن ما معنى «النموّ الاجتماعي» عند الطفل؟ وكيف يمكن للأهل أن يساعدوا أطفالهم في تنمية صداقات جديدة؟
يتعلّم الطفل الكثير من الأمور من خلال مراقبته الآخرين عندما يبدأ بالتوجّه إلى الحضانة. لكنّ هناك أموراً لا يمكن أن يتعلّمها بهذه الطريقة ومنها تكوين الصداقات أو أن يكون إجتماعياً.
 
لذا نرى أطفالاً في الحضانات وفي صفوف الروضة، لا يلعبون مع أطفال آخرين ولا يختلطون مع أولاد من عمرهم. وإذا طلبت المربّية من الطفل أن يلعب مع زملائه في الصف، فلا يقبل بل يفضّل أن يأخذ الكرة أو أية لعبة ويلعب بها لوحده. وعندما تبدأ النشاطات الجماعية، كتعلّم أغنية أو سرد قصّة، يفضّل بعض الأطفال الجلوس لوحدهم وممارسة نشاط آخر. وفي هذه الحال، تقلق الأم إذ تخشى أن يكون طفلها ذات شخصية منعزلة أو إنطوائية.
 
هل شخصيّة الطفل منفتحة أم منغلقة؟
 
من أكثر الخصال التي تؤكّد للأهل أنّ طفلهم إجتماعي بامتياز هي عدم الإستغناء عن رفاقه دقيقة واحدة في الصّف. كما نلاحظ أنّ الطفل الإجتماعي يحب أن يقوم بالكثير من النشاطات مع الأطفال الآخرين ويستشير أصدقاءه ويكوّن مع الوقت معهم «عصابات» أو «شلّة» أي جماعة تقوم بنشاطات عدة مناسبة لعمرهم ولاحتياجاتهم. كما لا يقوم الطفل بنشاط مع أهله إلّا إذا لم يتطابق برنامجه مع برنامج «شلّته».
 
في حين نجد أيضاً أطفالاً لا يحبّون بتاتاً الانخراط مع أطفال آخرين، بل يفضّلون اللجوء إلى المكتبة لقراءة الكتب والقصص أو يفضلون ممارسة نشاطهم الفردي كالرسم ويبتعدون عن النشاطات التي تتطلّب العمل الجماعي والتعاون بين مختلف الأفراد.
 
يمثّل هذان النموذجان الشخصية الإنطوائية والشخصية الإجتماعية. وما يثير الدهشة هو أنّنا قد نجد هذين النموذجين في أسرة واحدة، فيكون الطفل إجتماعياً ولديه الكثير من الأصدقاء بينما يكون أخوه إنطوائيّاً.
 
دور الأب والأم
 
يتعجّب كثير من الأهالي حين يدركون انطوائية أطفالهم وكثيراً ما يقفون عاجزين حائرين حول دورهم في مساعدة طفلهم الإنطوائي.
 
لذا، من المفيد قراءة بعض المقالات والكتب حول موضوع «النموّ الإجتماعي» عند الأطفال. كما يجب أن يكون الأب والأم على يقين بوجود فروقات بين أطفالهم. فكما ذكرنا، بعض الأطفال إجتماعيون ويحبون الإنخراط بالرفاق والناس أمّا البعض الآخر فيفضلون التروّي في إختيار الأصدقاء ويحبون إنتقاء صديق أو صديقين لا أكثر. ويمكن تلخيص دور الأهل على الشّكل التالي:
 
• تشجيع الأهل لطفلهم على الانخراط مع أطفال آخرين في مرحلة مبكرة من عمره. فخلال انخراطه مع الرفاق، يتلقّى الطفل درساً وهو أنّه ليس «محور» الجميع بل هناك أطفال غيره وهم أيضاً مهمّون ولديهم أفكارهم ويستعملون الضمير «أنا» مثله تماماً. يبني الطفل، لا سيّما خلال عمر 3 أو 4 سنوات، صداقاته على مبدأ «المصلحة» التي يمكن أن يحصل عليها من هذه الصداقات. فيتعلّم الطفل مع الوقت أنّ العلاقة مع الآخر يمكن أن تُبنى على المحبة والتبادل.
 
• في عمر 5 سنوات، يتعلّم الطفل الإعتراف بالآخر وبحاجاته ويبدأ بالتحضير للعب دوره الإنساني المسؤول في المستقبل من خلال مساعدة الأهل له. كما يجب أن يعلّموه الخبرات الأساسية في الحياة وكيفية التأقلم مع مختلف الظروف، وذلك مع الإبتعاد عن الصراخ والعناد.
 
• من خلال تأقلمه في حياته الإجتماعية، يمكن للطفل أن يتأقلم مع حياته في المدرسة مع أصدقائه أيضاً. ويستغرق هذا التأقلم بالوضع الجديد والتكيّف معه وقتاً طويلاً، وتبدأ هنا المشاركة مع «الآخر» في حياته اليومية وصولاً إلى مساعدته. إنّ الأب والأم هما صلة وصل ما بين مساعدة طفلهما في تكوين الصداقات والتفسير له عن أهمية المشاركة ومعنى الصداقة.
 
• إذا استمرّ الطفل في إنعزاله عن الآخرين، يجب على الوالدين أن يفسّرا لطفلهما عن أهمية النشاطات الإجتماعية كما يمكنهما أن يدعيا أصدقاءه إلى المنزل وإقامة حفلات صغيرة وتشجيعه على ممارسة نشاطات رياضية جماعية. لأنّ إشراكه في هذه النشاطات يمكن أن يساعده في كسب أصدقاء جدد.
 
• في عمر 7 سنوات، يبدأ الطفل بانتقاء صديقه المفضل من بين مجموعة أفراد ينتمي إليها. ويكون هذا الصديق طبعاً قريباً منه ويشاركه هواياته واهتماماته. ويهرع عادةً الطفل عند والدته ليخبرها وبكلّ افتخار: «ثمّة تلميذ جديد في صفي ولقد قرّرنا أن نصبح صديقين». وفي هذا المضمار، على الأهل تشجيع الصداقات الجديدة.
 
•