بين حزب الله السني و حزب الله الشيعي يخرج الحزب عن أدبيات السياسة وأخلاقها
 

هو النظام الطائفي في لبنان يحكم قبضته على كل مفاصل الدولة، كما هو الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف الذي أحكم قبضة الطائفية على النظام والجمهورية من رأس الهرم حتى أدنى رتبة في وظائف الدولة ومؤسساتها، وعليه وانطلاقًا من المبدأ الطائفي يُنتخب الرئيس وتتشكل الحكومات وتصدر التعيينات وتجري الإنتخابات، ما قاد إلى  توزيع الحصص في الوزارة والتعيينات من جهة، وإحكام قبضة الأحزاب الطائفية من جهة ثانية. 

هذا قدر ربما أقره الدستور وربما تأتي مفاعليه أيضًا من اتفاق الطائف، الذي كرس مبدأ الطائفية في كل المواقع في الدولة، وقد أدى ذلك إلى اعتبار حكم الطائفية فوق كل اعتبار، وبالتالي حكمت الأحزاب الطائفية بكل قوة وانتهت البلاد إلى ما هي عليه اليوم من الفوضى على كل صعيد.

إقرأ أيضًا: الرئيس القوي والدولة الضعيفة

واليوم فإن الخبر الأبرز في الإعلام المحلي حول ما يسمى بـ "السنة المستقلين" وهي العقدة التي طرأت خلال المشاورات حول تشكيل حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري واعتبرت القضية كعقدة اساسية أمام مسار التشكيل وقد جرى تظهيرها بشكل لافت بعد حل ما سُمي "بعقدة القوات".

حزب الله يقود حملة واسعة من أجل توزير السنة المستقلين وفتح ساحات المواجهة السياسية الشاملة من أجل وزير سني من خارج تيار المستقبل او وزير سني معارض لاعتبارات عديدة الظاهر منها ضرورة تمثيل النواب السنة المستقلين على ضوء نتائج الإنتخابات النيابية، فذهب حزب الله إلى ما يشبه التعطيل إنسجامًا مع "وعدٍ صادقٍ" جديد حتى ولو أدى ذلك إلى مزيد من التعطيل والتأخير في تشكيل الحكومة.

إقرأ أيضًا: إقصاء القوات والتهور السياسي

حزب الله السنّي الذي يفرض رغبته على كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في توزير "سني" أبدى حرصا غير مسبوق من أجل تعزيز روح الديمقراطية باتجاه محدد واحد وباللغة الطائفية وحدها باتجاه السنة فيما هو كـ "حزب الله" الشيعي يتعمد سياسة التهميش والإقصاء لأي رأي شيعي معارض لسياساته الداخلية والخارجية، وقد كان الشيعة المعارضون وما زالوا عرضة لكل أنواع الإقصاء والتهميش والإبتزاز من خلال إطلاق الإتهامات بالعمالة والتخوين بل والتهديد وقد شهدت الإنتخابات النيابية الأخيرة ما يثبت ويؤكد أن حزب الله الشيعي هو غير حزب الله السني بالمطلق.

ومن هنا فإن الحرص الذي يبديه حزب الله على تمثيل السنة المستقلين من أتباعه وحلفائه يقود إلى غايات وأهداف ليست على صلة بمبدأ التوزير نفسه، وإنما تأتي أكثر في سياق التعطيل والتأخير من جهة والرهان على متغيرات إقليمية جديدة في المنطقة.

كما أن إصرار الحزب على توزير السنة المستقلين فيما يستخدم القمع والإقصاء في المجتمع الشيعي تجاه معارضيه فإنه بذلك يخرج عن ادبيات الديمقراطية وأخلاقيات السياسة.