من أخبر النساء أنّ عليهنّ أن ينتظرن عدالة إلهيّة ما لتنصفهنّ؟
 
أثار حكم البراءة الصادر في حقّ كرم البازي زوج رولا يعقوب بقضيّة ضربها وقتلها، جدلًا واسعًا، وفي التفاصيل أنّه بعد مرور خمس سنوات على مقتل رولا يعقوب بسبب ضرب زوجها لها، أصدرت محكمة الجنايات في لبنان الشماليّ حُكماً يبرّئ المتّهم بأكثريّة مستشارين هما القاضيان خالد عكاري وزياد الدواليبي، إلّا أنّ رئيس المحكمة القاضي داني شبلي خالف حكم الأكثريّة.
جاء القرار كالصاعقة على الجميع خصوصًا وأنّه لم يكن على قدر الآمال التي كانت معقودة على هيئة المحكمة.
وفي نيسان من عام 2014، أقرّ مجلس النواب قانون حماية النساء من العنف الأسري بعد سنوات من التظاهر والإعتصام، وهو ما رأت فيه منظمة "هيومان رايتس ووتش" خطوة تاريخيّة وإيجابيّة للبنان، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الصيغة الحالية للقانون تضمنت تعبيرات لم تكن حاسمة في تخصيص النساء بالحماية، وهو ما لم يُرضِ جمعية "كفى" التي تقدمت بمشروع القانون.
وأقرّ القانون الأخير تحت عنوان "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري"، حيثُ شكّل العنوان بحدّ ذاته أحد أسباب الإعتراض الرئيسيّة بالنسبة إلى "كفى".
وأصرّت جمعيّة "كفى" على تعديل "المادة 252" من قانون العقوبات التي تعطي عذراً مخففاً لمرتكبي الجرائم الذين أقدموا عليها "بثورة غضب"، وذلك عبر استثناء جرائم قتل النساء.
ونشرت جمعيّة "كفى" نصّ الحكم عبر صفحتها على موقع "فايسبوك"، حيثُ قالت: "شهادة السيّدة التي حضرت الى منزل الضحية مساء وقوع الجريمة واختلت بإبنة رولا يعقوب التي اخبرتها أن والدها كان قد ضربها وضرب أمهّا وهدّدها بالقتل إذا أخبرت ما جرى، هذه الشهادة لم ترتقِ، بالنسبة للقاضيين، "الى مستوى الدليل" الذي يكّون قناعة على تسبّب المتّهم بقتل زوجته".
و جاء في النص أيضًا:"كذلك الأمر بالنسبة لشهادة الجار الذي سمع صراخاً خارجاً من منزل الضحية قبل وقوع حادثة الوفاة بحوالي نصف ساعة وشبّه ما سمعه "بالتحقيق"، إذ كان هناك شخص يسأل ثم يتبع سؤاله بالضرب. هذه الشهادة أيضاً "لا ترتقِ الى مستوى الدليل" الذي يكّون قناعة لدى القاضيين بمسؤولية الزوج. العنف المتكرّر والثابت بملفّ القضية الذي كانت تتلقّاه رلى يعقوب من زوجها والذي كانت معالمه ما تزال واضحة على جثّة الضحية، استهجنه القاضيان في الحكم، لكنه "لم يرتقِ لمستوى الدليل" على إدانه المتّهم.ما ارتكز إليه حكم الأكثرية هو أقوال ابنتيّ رولا يعقوب الصغيرتين، الخاضعتين لوصاية الأب والتي كانت ترافقهما الى التحقيق عمّتهما، مما جعل البنت التي كانت أخبرت الشاهدة الأولى عن ضرب والدها لها ولأمها ليلة الوفاة، تغيّر أقوالها فيما بعد.خالف القاضي داني شبلي،رئيس المحكمة، قرار الأكثرية، واعتبر أن ما كل ورد أعلاه يرتقي لمستوى الدليل، وأن كرم البازي أقدم على التسبب بوفاة زوجته، وفعله هذا يعتبر من نوع الجناية."
وأكّدت الجمعيّة:"لم تنته قضية رلى يعقوب بصدور هذا الحكم، سنذهب الى التمييز، آملين أن يكون حكم التمييز منصفاً وعادلاً."
رلى يعقوب كانت إمرأة معنّفة وقُتلت جراء البطش والضرب الذي تعرّضت له، لكنّ القضاء اللبناني للأسف لم يستطع أن يُدين الزوج ويُعطيها حقّها وحقّ كلّ إمرأة لبنانيّة  تتعرّض للعنف على يدّ زوجها.. من أخبر القضاء اللّبناني أنّ جريمة كهذه من الممكن أن تمرّ عابرة من دون مُحاسبة؟ ومن أخبر النساء أنّ عليهنّ أن ينتظرن عدالة إلهيّة ما لتنصفهنّ؟