عقدت اليوم بتاريخ 31/10/2018 الجلسة ما قبل الاخيرة في قضيّة توسيع مطمر الكوستابرافا أمام قاضية الأمور المستعجلة في عاليه رولا شمعون، في ما يخصّ الدعوى القضائيّة المرفوعة من قبل "متحدون" بوجه شركة الجهاد للتجارة والمقاولات ومجلس الإنماء والإعمار بشأن المطمر، وقد تأجلت الجلسة إلى تاريخ 7/11/2018 للمرافعة الختامية تمهيداً لإصدار الحكم.

قدّم  تحالف متّحدون للمحكمة  مذكرة تفصيلية تعليقاً على تقرير لجنة الخبراء المؤلفة من ويلسن رزق ودايفيد أبي صعب وجهاد عبود، سلًّمت نسخة عنها للوكيل القانوني لمجلس الإنماء والإعمار، حيث بيّن التّحالف في هذه المذكّرة التي تضمّنت تحليلاً عميقاً لكلّ ما ورد في محضر جلسة استيضاح الخبراء أمام القاضية شمعون بتاريخ 4/10/2018، وما ورد أيضاً في محضر جلسة الاستجواب أمام النائب العام البيئي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وكذلك ما ورد في تقريري لجنة الخبراء الأولي والنهائي وفي دفتر الشّروط المرفق بالعقد الموقع مع شركة الجهاد.

وقد بيّن التحالف في المذكرة المشار إليها الإهمال الحاصل من قبل الخبراء في إتمام المهام التي أوكلت إليهم وفق ما ورد في قرار القاضية شمعون الأوّل بتاريخ 17/7/2018، من ضرورة الكشف الدقيق على مشروع توسعة مطمر الكوستابرافا ووصف عناصره وتجهيزاته، وما إذا كانت أعمال الطمر تتم وفقا للشروط المحددة في دفتر الشروط، وما إذا كان طمر النفايات وبالطريقة المعتمدة من شأنه أن يلحق أضراراً بيئية وصحية سواء بمياه البحر أو بالهواء أو سواهما وتحديد تلك الأضرار بشكل مفصل.

وفي تستّر فاضح على ارتكابات الجهّة المشغّلة والجهة الاستشارية والرقابية، لم يتوصّل الخبراء إلى الخلاصة المرجوّة ولم يبيّنوا نتيجة عملهم، وفق تفاصيل المهمة التي كلّفوا بها، فهم لم يحدّدوا ما إذا كانت الأعمال الجارية تلحق الأضرار البيئيّة والصحية وتلك المتعلقة بحركة الملاحة الجوية، ولم يبيّنوا مقدار تلك الأضرار بشكل دقيق وواف. وقد فنّدت مذكرة "متحدون" بشكل مفصّل العيوب والتناقضات التي شابت تقرير الخبرة، وكيف سعى الخبراء، خلافاً للمهمة المكلفين بها، إلى حماية مصالح الشركة المشغلة أي شركة الجهاد للتجارة والمقاولات وإلقاء التبعات الأساسيّة على الدولة ومجلس الإنماء والإعمار الذي ظهر تواطؤه مع الشّركة المشغلة بشكل فاقع. 

وكان التحالف قد أكد على مطالبه في جلسة المحاكمة لا سيّما رفع التعدي الفاضح والبالغ على البيئة وصحة الناس والشاطئ ومياه البحر والهواء وحركة الملاحة الجوية، والعودة عن قرار وقف العمل بالبند المتعلق بأعمال التوسعة بتاريخ 1/8/ 2018 تبعاً لانتفاء الحيثيات التي تذرع بها مجلس الانماء والإعمار في ضوء ما بان من حقائق دامغة واعترافات ثابتة إثر التحقيقات في قضية المطمر أمام المراجع القضائية المختلفة، والتي بينت الكذب المتعمّد وتضليل المحكمة. كما طلب التحالف، بالنظر إلى ما جرى تقديمه من براهين، إحالة من خالف من الخبراء المهامّ المكلّفين بها أمام القضاء المختص لمحاسبتهم. 

وعلى خطّ مواز في ما يخصّ التحقيق الجنائي القائم أمام حضرة النائب العام البيئي في جبل لبنان القاضية غادة عون، تقدم تحالف متحدون اليوم  بتاريخ اليوم 31/10/2018 أيضاً بمذكرة تفصيلية مع مستندات بيّن فيها بشكل لا يشوبه أي لبس الارتكابات الجرمية من قبل المدعى عليهم شركة الجهاد ومجلس الانماء والإعمار كما والسيدين جهاد العرب ونبيل الجسر بصفتهما الشخصية وبصفتهما ممثلي شركة الجهاد ومجلس الإنماء والإعمار، حيث أكد التحالف على مطالبه اتخاذ صفة الادعاء الشخصي بحق المدعى عليهم وكل من يظهر التحقيق تواطؤه معهم ولاسيّما توقيفهم لمسؤوليتهم الشخصية المباشرة والثابتة في ارتكاب الجرائم التي أدت إلى حصول تشوهات واضحة في البيئة، كما ومنعهم من السّفر والادعاء عليهم وإحالتهم أيضاً أمام حضرة النائب العام المالي الدكتور علي ابراهيم بجرم الاستيلاء السافر على المال العام دون حق، وكذلك تغريمهم وإرغامهم على إعادة ما استولوا عليهم من أموال طائلة من خزينة الدولة دون حقّ.

وفي سياق متصّل وعلى خلفيّة التّطورات التي جرت خلال جلسة الاستماع إلى الخبراء أمام القاضية شمعون بتاريخ 4/10/2018، بادر أحد المقربين من السّيد جهاد العرب بطلب من الأخير بالاتصال بأعضاء التحالف الذين أعربوا عن استعدادهم للاستماع إلى ما يرغب الإدلاء به،  باعتبار أن تحالف متحدون لا يسعى منذ تأسيسه إلى المعارضة لأجل المعارضة، بل إلى التّعاون في التّصدي لمشاكل الفساد المستعصية والتي تقع فيها المسؤولية على عاتق الجميع.

وبالفعل فقد تمّ اللقاء بين الطّرفين يوم الجمعة 5/10/2018 وكان مطوّلاً وإيجابياً لجهة استعداد السّيد العرب القبول بما يطرحه "متحدون" من حلول.

وقد أقرّ السيد العرب بالأثر السلبي للمطمر وبأنّه في المبدأ ضدّ إنشاء مطامر بحرية وبخاصة قرب المطار الوحيد في لبنان، وبأنّه قام بإرسال كتب عديدة يطالب فيها بأمور كثيرة رفعاً للمسؤولية عنه، إلا أن جواب التحالف كان بأنّ ما فعله غير كاف بالنظر إلى حجم الكارثة التي حلّت بالبيئة والشاطئ، إضافةً إلى ما تمّ تقاضيه من أموال عامّة طائلة دون وجه حق بنتيجة غياب الفرز الفعلي للنفايات، وبالتالي فإنّ الأعذار التي تقدّم بها السيد العرب هي غير كافية ولا تبرّر الجرائم المرتكبة.

العذر الوحيد الذي تفهّمه التحالف هو كون السّيد جهاد العرب مستثمراً في القطاع الخاصّ، وهذا لا ينفي أساساً الاشتراك في الجرائم المرتكبة بحق صحّة اللبنانيين وبيئتهم وبحرهم وجوّهم. وعليه، أبلغ التحالف السّيد العرب بمطلبه أو شرطه الوحيد في حال لمس منه نيّة صادقة في التّعاون: أن يتولّى التحالف الرقابة الكاملة على النفايات المتعلقة بمطمر الكوستابرافا (نفايات بيروت والشوف وجبل لبنان باستثناء جبيل) أي القسم الأكبر من نفايات لبنان، على أن تكون للتحالف صلاحيات رقابية كاملة للإشراف على عملية معالجة النفايات من المصدر إلى المطمر مروراً بجمعها وفرزها وطمرها، حيث يتمّ الإقرار بهذه الصّلاحيات من قبل شركة الجهاد مشفوعاً بموافقة مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الوزراء، وأن يتمّ كلّ ذلك بإشراف القضاء. 

وقد انطلق التحالف في مطلبه هذا من كون الثقة بأهل السلطة من وزراء ومسؤولين ومنهم مجلس الإنماء والإعمار الذي يتحمّل مسؤولية كبرى في ما وصلت إليه أزمة النفايات من سوء معدومة. كما انطلق التحالف في مطلبه هذا من التوجه الدّائم لديه للاستعانة بخبراء ومؤسسات علمية ذي نزاهة وكفاءة، في خطوة تهدف إلى وضع ملف النفايات ضمن خطّة وطنية طارئة يتوحّد حولها الحراك المدني وباقي الشرائح الفاعلة في المجتمع وتكون كفيلة بإنجاز حلّ لأزمة النفايات كان العجز بفرضه منذ انطلاق الأزمة حتّى اليوم سيّد الموقف. وحفاظاً على المصداقية التي يتمتع بها التحالف أمام الرأي العام كونه رأس الحربة حالياً في مكافحة الفساد، فقد طلب التحالف، في حال الموافقة، أن يتمّ التوقيع على ورقة إعلان مبادئ أو مذكرة تفاهم من قبل طرفي التفاوض، على أن يصار إلى الإعلان عن كلّ تفاصيل خطّة الحلّ أمام الرأي العامّ تمسّكاً بمبدأ الشفافية الكاملة. 

تلا هذا الاجتماع لقاء ثان في 16/10/2018 أعرب فيه السيد جهاد العرب عن استعداده للتوقيع على ورقة التّفاهم تلك، إلّا أن تحالف متحدون أصرّ على أن يكون هذا التوقيع مقترناً بموافقة مجلس الإنماء والإعمار الواضحة والصّريحة تجنّباً لأنصاف الحلول التي يعتبر التحالف نفسه بعيداً عنها كلّ البعد. وبالفعل فقد تم الاتصال برئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر الذي لم يكن من الممكن حضوره بداعي السّفر، غير أنّه تمّ الاتفاق على الاجتماع به من قبل السّيد العرب أو من يمثّله، الأمر الذي حصل يوم الأربعاء الفائت بتاريخ 24/10/2018، وما زال التحالف مذّاك بانتظار التوقيع على ورقة التفاهم، غير أن اتصالاً قد ورد غروب هذا اليوم لطلب مسودة عن ورقة التفاهم تمهيداً لمراجعتها وتوقيعها، ما يأمل التحالف منه خيراً لمصلحة الجميع.

وبناءً عليه، فإنّ الكرة باتت في ملعب السيد جهاد العرب الذي ينتظر التحالف توقيعه على ورقة التّفاهم كي يصار بعدها في حال صدقت النّوايا، إلى تحديد الجدول الزمني لوضع اقتراح خطة معالجة نفايات الكوستابرافا التّفصيليّة والجدوى الاقتصاديّة بما فيها المتطلّبات التّقنية والبشرية والماليّة.