لم أفهم لماذا أضاع الرئيس سعد الحريري كل هذه الأشهر؟!

لم أرَ مبرراً للرئيس الحريري في الغوص بمطالب القوى والاحزاب السياسية، والغرق في غُنج بعضهم، ودلع بعضهم الآخر!

لم أجد عذراً للرئيس الحريري في التفاوض بالمفرّق، داخلياً وخارجياً، بحثاً عن مخرج لمتاهة رُمِي، أو رَمى نفسَه، فيها.

لم أفهم لماذا أرهق، الرئيس المكلّف أو «الرئيس المُكتّف»، نفسه بحل عقد مفبركة! وهو كلما فك لغماً، وُضعت في دروبه ألغام.

لم أجد للرئيس الحريري عذراً في عدم اختصار الطريق، والذهاب مباشرة الى حامل البطاقات الحمر والصفر والخضر، ما دام يرفع منها ما شاء وساعة يشاء، فيكون له سمع وطاعة، من كل القوى السياسية، على كل المستويات، وفي كل الملفات.

أراد النسبية في قانون الانتخاب، فنُفّذ له ما طلب وتمنى، وعلى حساب الحريري أولاً.

رغِب في وزارة الصحة، وعلى حساب «القوات»، فقُضي الأمر في ساعة.

رفع البطاقة الحمراء لعدم تسليم وزارة العدل الى «القوات»، فنُفذ الأمر.

قال: «أتركوا الأشغال»، فتوقّفت المعركة وتُركت الأشغال.

رأى في انشغال الراعي الاقليمي للرئيس المكلف، بقضية الخاشقجي، فرصة تزيد مكاسبه، فأخرج أرنب سنّة المعارضة مجدداً، ليزيد من الحصار على الرئيس الحريري وحلفائه.

ومن يضمن ألّا تولّد شروط ومطالب وألغام جديدة بعد حل العقدة السنّية؟

وهل فعلاً يريد من يدير اللعبة من خلف الكواليس و«المتاريس» وفي يده مفاتيح الحل والربط، أن تؤلَّف الحكومة في هذه المرحلة، أو أنه ينتظر مستجدات خارجية تخلط الأوراق والحسابات والتوازنات؟

... وتلهينا السلطة والأحزاب والقوى السياسية بحسابات مَن رَبحَ وزيراً بالزائد، ومَن خسرَ وزارة دسِمة... وهذا ظَفرَ بوزارة سيادية، وذاك غَنِم وزارة خدماتية، فيما البلد يئنّ من تدهور خطير على مستويات كثيرة، والشعب يرزح تحت الديون والبطالة والعتمة والنفايات... حتى لا نقول أكثر.

أيّها الزعماء، وأشباه الزعماء القابضون على السياسة والادارة والمناصب والمكاسب، كلمة واحدة:

كلّكم انتصرتم... وخسر الوطن.