ليشهد القاصي والداني، الخصوم قبل المُحبّين (عدا الوزير جبران باسيل) بنزاهة وزراء القوات ومصداقيّتهم وإنتاجيّتهم
 

لم يشهد لبنان في تاريخه السياسي منذ تأسيسه لقرنٍ مضى فترة مظلمة كالتي يشهدها هذه الأيام.. الشحنُ الطائفي والمذهبي على أشُدّه، الفساد مُستشرٍ في كافة القطاعات والإدارات والمؤسسات العامّة، التّلوُّث في البرّ والبحر والجوّ حتى تفشّت الأمراض وفي مقدمتها السرطان الخبيث، الذي بات مرضاً مألوفاً والعياذ بالله. 

أزمة الكهرباء مُقيمة لا علاج لها رغم المليارات التي تُهدر عليها. يموت اللبنانيون على أبواب المستشفيات، أزمات متلاحقة في المديونية العامة ومالية الدولة تقُضّ مضاجعها العقوبات الأميركية لحزب الله، كل ذلك والعهدُ لاهٍ في مضغ الجُبنة الدسمة التي وقعت في فمه بضربة حظٍّ باسم، فيما اللبنانيون ابتلوا به من حظّهم العاثر، العهد الذي لا يتورّع عن البذخ في سفراته التي لا تنقطع، العهد الذي يُسرف في الإغداق على المقرّبين والمرافقين والحاشية، ولا يجد مالاً جاهزاً لشراء أدوية لمرضى داء السرطان، العهد الذي تمكّن من تأليف حكومته الأولى قبل عامين، وضمّت بين جنباتها ثلاثة وزراء للقوات اللبنانية من ضمنهم نائب رئيس، ليشهد القاصي والداني، الخصوم قبل المُحبّين (عدا الوزير جبران باسيل) بنزاهتهم ومصداقيّتهم وإنتاجيّتهم، ووقوفهم بصلابة ووطنية في وجه الفساد والصفقات المشبوهة (ما زالت صفقة الباخرة الكهربائية التركية في ذاكرة المواطنين)، هذا العهد عينُه، بدل الإشادة بهم ودعوة الجميع للاقتداء بهم (ولا موجب للمكافأة، فقد قاموا بواجبهم)، يحاول اليوم جُهده للاقتصاص منهم، وتقليم أظافرهم تمهيداً لتحجيمهم، وإذا أمكنهُ الفاسدون والمُرتشون وطُلاّب السلطة منهم، فقد يدفع بهم خارج الحكومة العتيدة، وهذا لعمري؛ أفضل للقوات ألف مرة كما سبق وكتبنا في هذا الصّدد، أفضل لهم أن لا يُشاركوا في مهزلة جوقة المغانم والتّحاصُص القائمة منذ أكثر من خمسة أشهر، وكانت القوات وما زالت هي الشوكة العالقة في حلقومهم.

فلتنأى القوات اللبنانية عنهم.."ومكانك تُحمدي أو تستريحي".

قال الأحنف بن قيس: أسرعُ الناس إلى الفتنة أقلّهم حياءً من الفرار.