كثيرون من جمهور حزب الله المساكين ، كانوا حتى الأمس لا يزالون يعتقدون بأن معيار العروبة الحقيقية هو القرب من إيران أو البعد عنها
 
ما أن أعلن عن زيارة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الى سلطنة عمان، والحفاوة التي لقيها، والعلانية التي غطت الزيارة من دون اي خجل او وجل، حتى اشتعلت صفحات كثيرين من البيئة الحاضنة لحزب الله ومن اتباع ايران .
 
فانصدموا وشهقوا واستنكروا وشتموا وبهدلوا وخونوا وحللوا واتهموا، باعتبار ان الزيارة كانت بمخيلتهم المثقوبة هي أقرب الى المستحيل، فعُمان وسلطانها هم أصدقاء الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهذا يعني بالضرورة بحسب ثقافتهم الموجّهة ان عُمان هي معهم في الخندق الآخر حتما، هي ليست الامارات المارقة، ولا السعودية العميلة، ولا مصر كامب ديفد !! هي صديقة ايران !!! فما عدا ما بدا ؟؟!! هل تحولت ؟ هل مورس عليها ضغوط عربية كما كتب احدهم ! هل انقلبت على نفسها  كما اعتبر آخر !! 
 
 
ولأن الزمان هو زمن الفيسبوك والتويتر، وزمن الاعلام المفتوح، وليس زمن الاعلام الواحد والزعيم الواحد والحزب الواحد،  أخذت عشرات الاسئلة الممانعتية، تُمطَر بمئات الاجوبة والصور والوثائق مما زاد من إنصدام الممانعين المساكين، فأدركوا سريعاً بأن زيارة رئيس العدو للسلطنة ليست هي الأولى، فقد سبقه اليها من قبل شمعون بيريز عام 1994 وبعده زار السلطنة وسلطانها إسحاق رابين عام 1996واكشفوا أيضا بأن  وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي قد زار القدس. وأن اتفاقاً موقع منذ 96 بينهما حول الافتتاح المتبادل لمكاتب التمثيل التجاري.
 
 
 
كثيرون من جمهور حزب الله المساكين ، كانوا حتى الأمس لا يزالون يعتقدون بأن معيار العروبة الحقيقية والوطنية الحقيقية وحتى الإسلام الحقيقي هو القرب من إيران أو البعد عنها، وبهذا المعيار فقط كانوا يقيسون مواقفهم على أساسه، فصديق ايران هو الشريف النظيف المقاوم العروبي والقومي، وخصم ايران هو حتما العميل المتآمر الخائن الذي يقيم افضل العلاقات مع العدو الصهيوني إن لم يكن بالعلن فبالسر حتماً.
 
 
 
وفجأة اكتشف هؤلاء " المشحرين " بأن هذا المعيار وهذا المقياس لا وجود له الا بمخيلتهم وعلى شاشة المنار والميادين واضرابهما، وان ايران التي أجرت منذ فترة مناورة عسكرية مع عمان، والاجتماعات السرية التي كانت تجري بين إيران والشيطان الأكبر في السلطنة لا يعني ابداً ان عمان وسلطانها هم بمحور الممانعة، واكتشفوا ان صداقات ايران او خصامها لا علاقة له البتة بالشعارات التي يتلقونها وإنما المحرك الأول والأخير هو مصلحة النظام الإيراني فقط لا غير وهنا تحديداً تكمن أهمية زيارة نتنياهو في هذا التوقيت وفي هذا الزمن .