هل سيُعيد الحريري تكرار نفس أخطائه السابقة فيُفوّت عليه إستغلال نتائج هذه الزيارة بطريقة جيدة ؟!
 

 

 

إشارتان لافتتان برزتا في مشاركة الرئيس المكلّف سعد الحريري بمؤتمر مستقبل الإستثمار " دافوس الصحراء " في المملكة العربية السعودية . 

 

الأولى الإهتمام الكبير الذي لاقاه الحريري من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، حيث جلس إلى جانبه  ، والثانية تبادل النكات بين الحريري وبن سلمان حول موضوع الخطف .

 

ومن يعرف بروتوكولات المملكة ، من حيث الإستقبال والترحيب ، سيُدرك جيداً أن ما قام به بن سلمان بالأمس هو خروج عنها ، حيث تصرف مع الحريري كأنه صديق بل أحد أبناء العائلة المالكة ، ما يدل على إهتمام واسع به .

 

لا شك أن بن سلمان يمرّ بأوقات حرجة على وقع إتهامات له بالوقوف وراء قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي ، لكن ما إستجدّ في الأيام الأخيرة هي التسريبات التي أدلت بها مصادر سعودية لوكالة رويترز عن ما سمته إختطاف الحريري في السعودية منذ عام وتعرضه للضرب والشتم والإهانة من قبل المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني الذي أُقيل من منصبه بسبب تداعيات مقتل خاشقجي . 

 

والأخطر بالنسبة لبن سلمان ، أن هكذا تسريبات بغض النظر إذا حصلت أم لاء ، بدأت الناس والرأي العام العالمي يصدقها ، خصوصاً أن رويترز نفسها هي من كشفت عن واقعة خاشقجي وتبيّن أن نسبة كبيرة من التسريبات كانت صحيحة وإعترفت بها المملكة لاحقاً. 

 

لذلك ، أراد بن سلمان قطع الطريق على أي محاولة لإعادة فتح هذه القضية بهذا الوقت ، لأن ما يواجهه يكفيه ، وأراد أيضاً إعطاء الحريري جرعات دعم بعد أن إستُبقت زيارته للسعودية بحملات سخرية وإستهزاء به من قبل ناشطين وإعلاميين وسياسيين لبنانيين .

 

 

من هنا ، فإن ما يهمّ الرأي العام اللبناني في هذه الزيارة هو مدى إنعكاسها على مأزق تشكيل الحكومة اللبنانية ، والتي تزال تواجه معضلات حقيقية وعقد جديدة كل يوم .

 

أما ما يهمّ الحريري فهو الإتكاء  على دعم حليف إقليمي كمحمد بن سلمان عامله في السعودية معاملة الملوك والأمراء ، ما يقطع الطريق على المزايدين داخل تياره وبيئته المقرّبة ، ويجعله في موقف قوي إتجاه خصومه التقليديين وفي طليعتهم حزب الله .

 

 

فالحزب بدأ يُطالب في الأيام الأخيرة بضرورة توزير " سنّة ٨ آذار " في الحكومة المقبلة ، وهو بحسب معطيات وضع هذا التوزير كشرط لتشكيل الحكومة ، ومن دونهم لا حكومة .

 

هذا الوضع لا يُعجب الحريري بتاتاً ، لأنه يُشكِّل مشروع إستهداف وإستنزاف لمشروعه السياسي ، وبالتالي سيُحاول الحريري تجيير نتائج زيارته للسعودية في قطع الطريق على هذه المحاولة .

 

فهل سينجح ؟

 

إقرأ أيضا : هل يفعلها دونالد ترمب ويتخلى عن محمد بن سلمان ؟

 

 

لا شيء محسوم في هذا الموضوع ، فطبيعة الحريري وشخصيته باتت معروفة أنه لا يقاتل حتى الرمق الأخير ، لكنه بات ضليعاً في حياكة التسويات السياسية ، لذلك قد يتجه إلى أمرين .

 

إما المماطلة في تشكيل الحكومة إلى ما بعد ٤ تشرين الثاني موعد العقوبات الأميركية القاسية على إيران وبالتالي الرهان على متغيرات إقليمية أو ما شابه .

 

أو الذهاب بخيار توزير شخصية سنية مقبولة ومعتدلة ، وغير مستفزة للسعودية ، كالنائب عبد الرحيم مراد الذي تربطه علاقات جيدة بالسعودية ومصر ، وعلاقته ليست سيئة بالحريري .

 

بالمحصّلة ، إستطاع الحريري من خلال هذه الزيارة إبراز نفسه كزعيم سني قوي ، لكن يتساءل مراقبون هل سيُعيد تكرار نفس أخطائه السابقة فيُفوّت عليه إستغلال نتائج هذه الزيارة بطريقة جيدة ؟!