فجأةً، غسلوا أيديهم من كلّ الدماء البريئة التي سالت في العراق وسوريا واليمن، غسلوا أيديهم من دماء قيادات ثورة الأرز
 

أولاً: فجأةً، استفاقت أبواق الممانعة على "فاجعة" مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، ولم تترك سانحة أو بارحة إلاّ واستغلّتها في "إظهار" وجه المملكة العربية السعودية البشع، صحيحٌ وثابت أنّ الجريمة بشعة ومُدانة بإجماع كافة المسلمين والعرب والأعاجم، فهي تمسّ كرامة الإنسان وحُرّيته وقُدسية حياته، إلاّ أنّ ما هو مُستنكر ومُدانٌ أيضاً اعتبارُ إعلام الممانعة هذه الجريمة النكراء وكأنّها وقعت في المحيط العربي والإسلامي الهادئ والوادع، حيث لا حروب ولا دمار ولا تهجير ولا خطف على الهوية والمعتقد والمذهب، لا سجون انفرادية وتعذيب وتصفيات، فجأةً، غسلوا أيديهم من كلّ الدماء البريئة التي سالت في العراق وسوريا واليمن، غسلوا أيديهم من دماء قيادات ثورة الأرز، بدءاً من الرئيس رفيق الحريري انتهاءً بالوزير محمد شطح، وما بينهما سمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي وبيار الجميل، دماءٌ طالما اعتبرها إعلام الممانعة خائنة وعميلة تستحقُّ ما نزل بها من جزاءٍ ونكال.

ثانياً: فجور قريش...

استحضر أنصار "مملكة الخير" وممالؤها خطاب تيار الممانعة في تبرير جريمة مُروعة كجريمة الخاشقجي. وهي ربما تُضاهي جريمة تفجير موكب الرئيس الراحل رفيق الحريري، وهو خطابٌ بائس ومُتهافت، ولعلّ الأجدى إدانة الجريمة وفظاعتها وذيولها،وعدم ربط مملكة الخير في القرن الواحد والعشرين بفجور قريش، أتدرون ما هو فجور قريش؟، لنستمع للخليفة الأموي هشام بن عبدالملك.

إقرأ أيضًا: الخاشقجي.. في عداد شهداء الفكر والرأي أم في قائمة المُغيّبين؟

ثالثاً: فجور قريش...

قيل: لم يكن في ولد عبدالملك بن مروان أكمل من هشام، وكان ابنُه سعيد عاملاً له على حمص، حتى جاءهُ كتابٌ يرمي سعيداً بالنساء والشراب وفيه:

أبلغ إليك أمير المؤمنين فقد

أمددتنا بأميرٍ ليس عنّينا 

طوراً يُخالفُ عمراً في حليلته

وعند ساحته يُسقى الطّلا دينا.

فلما قرأ (هشام) الكتاب بعث إلى سعيدٍ فأشخصهُ، فلما قدم علاهُ بالخيزرانة وقال: يا بن الخبيثة، تزني وأنت ابن أمير المؤمنين، أعجزت أن تفجر فجور قريش؟ أو تدري ما فجورُ قريش لا أُمّ لك؟ قتلُ هذا، وأخذُ مال هذا؛ والله لا تلي لي عملاً حتى تموت. 

هل يستعمل الملك سلمان بن عبدالعزيز سُلطانه بالعزل، حيثُ لا حاجة بعد اليوم للخيزرانة.