الأزمة الحكومية: خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء
 

هل تشكّل الحكومة قبل حلول الذكرى الثالثة لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية أم أن الأمور ما زالت تراوح مكانها، ولم يحصل بعد أي تقدّم على صعيد حلحلة العقد القديمة والمستجدة بعد كلام أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله عن تمسكه بتمثيل النواب السنّة الذين هم خارج تيّار المستقبل في الحكومة العتيدة، إضافة بطبيعة الحال إلى عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» التي لم تحل بعد بالرغم من كل الجهود التي بذلها الرئيس المكلف مع القصر الجمهوري من جهة، ومع رئيس حزب «القوات» من جهة ثانية؟

هذا السؤال بات مشروعاً لدى الأوساط السياسية التي تتابع بدقة الاتصالات والمشاورات التي يجريها الرئيس المكلف مع كل الأطراف المعنية، وقد اتسعت رقعة هذا السؤال بعد الكلام المنسوب أمس إلى رئيس الجمهورية والذي يوحي بتراجع حركة الاتصالات الجارية والعودة بالتالي إلى المراوحة في عملية التأليف، ويعزو القصر الجمهوري هذا التراجع إلى أن الرئيس المكلف لم ينجح حتى الآن لا في حلّ عقدة «القوات»، كما عقدة تمثيل السنّة المستقلين،

وبالتالي فإن الرهان الذي كان قائماً على أساس ان الحكومة ستبصر النور قبل حلول نهاية الشهر الجاري قد تبدّد خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية إلى حدود المراوحة. لا سيما وان مصادر القصر أشارت في هذا السياق إلى انه لم يعد لدى رئيس الجمهورية ما يقدمه لتذليل العقبات، بعدما قدّم كل ما بإمكانه لا سيما بالنسبة إلى «القوات اللبنانية» التي ما زالت تتمسك بحقيبة العدل التي لا يُمكن لرئيس الجمهورية أن يتنازل عنها.

وأشارت المعطيات إلى انه بناء على ذلك فإن الأجواء في بعبدا ليست تفاؤلية، كما توحي به تصريحات بعض الأطراف المعنية بل ثمة كلام كثير عن ان العقد لا تزال على حالها.

وتقول المصادر المتابعة إن هذه الاجواء غير التفاؤلية التي عكستها أوساط رئيس الجمهورية شكلت حافزاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري لاعادة التأكيد على وجوب تأليف حكومة، كون الأمور وصلت إلى حدود تستوجب الانتهاء من هذه المراوحة، مشيراً في ذلك إلى خطورة الوضع الاقتصادي في البلاد استناداً إلى الواقع والوقائع التي يملكها هو كما يملكها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف التي أشار إليها بشكل مباشر قبل انتقاله إلى المملكة العربية السعودية.
لكن الفرق بين ما صدر عن رئيس مجلس النواب وعن الرئيس المكلف ان الأوّل لم يعط أي مؤشر على ان العقبات التي كانت تحول دون تشكيل الحكومة قد ذللت أو أنها في طريقها إلى التذليل، فيما الثاني لا يزال على تفاؤله بأن الحكومة ستبصر النور قبل حلول الذكرى الثالثة لانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.

والذي يزيد من احتمال التأليف ما سرّب من معلومات عن الاجتماع الذي عقد أوّل من أمس بين الرئيس المكلف ورئيس التيار الوطني الحر في بيت الوسط والتي تصب كلها في خانة الإيجابيات، وتفاهم الفريقان على ان الأجواء باتت مهيأة لكي تبصر حكومة العهد الأولى النور قبل الواحد والثلاثين من الشهر الجاري، وان البحث بينهما تجاوز ملف التأليف الى مرحلة ما بعد ولادة الحكومة من حيث الملفات التي يفترض ان تتركز عليها جهود الفريق الوزاري العتيد في ظل إصرار العهد على تلبية مطالب النّاس الحياتية، كالكهرباء والنفايات وسواهما من الأزمات الآخذة في التفاقم والتي عطل حلولها فراغ حكومي طويل استنزف البلد وقدراته الاقتصادية بشكل غير مسبوق.

وفي هذا المجال نسبت مصادر مطلعة إلى رئيس «التيار الوطني الحر» ان البحث بينه وبين الرئيس المكلف ركز في جانب أساسي منه على ضرورة تأليف حكومة متجانسة لا تحمل بين طياتها بذور انفجارها من الداخل لتأمين ما يسمى الانتاجية الحكومية التي يراهن عليها رئيس الجمهورية كما الرئيس المكلف.

واعتبرت المصادر ان نجاح اجتماع الحريري وباسيل في تجاوز المطبات، لا سيما المتعلقة بحجم حصة التيار الوطني الحر في الحكومة والذي استقر على عشر وزراء، أي اقل من الثلث المعطل، من شأنه ان يحمل بقية الفرقاء ولا سيما «القوات اللبنانية» على تقديم تنازلات مماثلة لتسهيل ولادة الحكومة، خصوصاً وان «القوات» تدرك حجم الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية حيث لم يعد بالإمكان استنزاف الوقت في خلافات جانبية أو في تسابق على تقاسم الحصص الوزارية.