سعي حزب الله إلى تمثيل حلفائه السنّة هي حاجة له أكثر مما هي هدية قد تُقدّم للنواب المعارضين للحالة الحريرية
 

من السذاجة الاعتقاد أنّ "حزب الله"تجاهل يوماً تمثيل حلفائه السنّة في الحكومة أو أهمله. المسألة ليست ديْناً، عليه تسديده، ولا وفاء لجميل أو لموقف أو لخيار سياسي التزمه هؤلاء أو غيرهم من السنّة المعارضين لـ"تيّار المستقبل". المسألة أبعد من ذلك بكثير، إنّها مصلحة مشتركة تقضي بدعم هذه الشخصيات ومراعاة حضورها الشعبي ومدّها بالخدمات اللازمة لكي تحافظ على حيثياتها.

 

للتذكير فقط، إصرار "حزب الله" لخوض معركة قانون الإنتخابات لنسف "الستين" وفرض النظام النسبي، ليس فقط من باب تأمين أغلبية نيابية مؤيّدة له أو وضع يده على البرلمان كما يتهّمه خصومه، وإنما لكسر أحادية تمثيل الحالة الحريرية للطائفة السنّية، وإفساح المجال أمام معارضيها لدخول الندوة البرلمانية بعدما كانت أحكام "الستين" تطحنهم بـ"محادلها". وهذه المسألة تتجاوز الحالة السياسية اللبنانية انها ترتبط بالتوتّر السنّي- الشيعي الذي يحكم المنطقة والداخل اللبناني منذ سنوات، وحاجة «حزب الله» لكسب هذا الشارع أو تحييده، وبالحدّ الأدنى التخفيف من حدّة معارضته ورفضه للحزب. إذاً هي حاجة استراتيجية لحزب الله لتعزيز وضع البيئة السنّية المؤيّدة لها. وبالتالي، إنّ سعي حزب الله إلى تمثيل حلفائه السنّة هي حاجة له  أكثر مما هي هدية قد تُقدّم للنواب المعارضين للحالة الحريرية.

 

إقرأ أيضا : التأليف الحكومي: مراوحة بين مد وجزر!

 

 

صحيحٌ أنّ حزب الله يتعاطى بحرص مع الرئيس سعد  الحريري كزعيم سنّي، بعد تنقيح العلاقة الثنائية من شوائب النزاع على السلاح والمحكمة الدولية والحرب السورية، ونقلها من العدائية المُطلقة   إلى المهادنة تحت عنوان ربط النزاع، إلى المساكنة تحت سقف حكومة وحدة وطنية، ومن ثم تطويرها بشكل نوعي للتواصل المباشر عبر المعاون السياسي للأمين العام لـ حزب الله الحاج حسين خليل... لكنها بلا شك لن تكون على حساب من وقف إلى جانب حزب الله في السرّاء والضرّاء. لعلّ هذا الإنقلاب في العلاقة بين بيت الوسط وحارة حريك هو الذي أثار علامات استفهام حول مدى رغبة حزب الله في وضع عقدة تمثيل النواب ممن هم خارج كتلة المستقبل، في مسار التأليف. كان الظنّ سائداً أنّ انكفاء الحزب عن إثارة هذا البند، هو بمثابة تمريرة لتسهيل مهمّة رئيس الحكومة المكلّف من باب تخفيف الأثقال عن كتفيه. ولهذا وضعت «العقدة» جانباً بلا أي ضجة . ولكن المطلعين على موقف حزب الله يجزمون أنّه لم يتخل يوماً عن دعمه للنواب السنّة من خارج تيار المستقبل. صحيحٌ أنّه لم يحوّل قضيتهم إشكالية علنية تُضاف إلى الإشكاليتين المسيحية  والدرزية، لكنّه تعامل دوماً معها على أنّ لها زمانها. وحين توفرها يمكن حينها إحياء هذا البند وفرضه على جدول أعمال التأليف. ويقول أحد المعنيين إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سبق له أن فاتح رئيس الحكومة، في أول لقاء لهما بعد التكليف، بضرورة تمثيل النواب السنّة المعارضين.

 

وفق المعلومات فقد تبلّغ النواب السنّة حلفاء حزب الله من جانبه ، أنّ الحكومة لن تتشكّل قبل أن يتمّ تسمية وزير سنّي يمثل هذا الفريق. وهو أمر يؤيده ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي عاد وأكد امام زواره ان لا بدّ من تمثيل هؤلاء النواب في الحكومة، وقد سبق له أن فاتَح الرئيس المكلف بهذا الامر.