الأوضاع المرتبكة أتاحت لمعارضي الحكومة في الداخل الذين يتغذون من مؤسسات عسكرية وإقتصادية ضخمة فرصة للتقدم بعد فشلهم الذريع في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة العام الماضي
 

 

يقول عزت ضرغامي رئيس منظمة الإذاعة والتلفزيون الإيراني السابق أن بعض المؤسسات التي تقع تحت إشراف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي طلبوا منه أن يحلوا محل الرئيس حسن روحاني وحكومته لإدارة البلد ولكنه رفض هذا الطلب. 

 

وأوضح ضرغامي أن جماعة وصلوا إلى القناعة بأن الحكومة لا تقدر على إدارة البلد واقترحوا بأن يأتوا هم ويستقروا في المناصب ويملؤا الفراغ، أي يديروا البلد.

 

لم يفصح ضرغامي عن هوية تلك المؤسسات والكيانات ولكنه أكد على أن خامنئي رفض مقترحهم جملة وتفصيلاً. 

 

وفي التفاصيل فإن المراقبين قد أكدوا منذ إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي الذي تزامن أو بالأحرى تسبب أزمات اقتصادية على أن حكومة روحاني تواجه عواصف داخلية أكبر من التهديدات الخارجية وأنذروا بمحاولات من أجل الإنقلاب على حكومة روحاني من قبل مؤسسات للنظام. 

 

إقرأ أيضا : إيران وقضية خاشقجي: الصمت الطويل

 

 

وكان حجتهم في تلك المحاولة هو إنقاذ النظام من الأزمات الإقتصادية والمجتمعية حيث يعتقدون بأن البلد يعيش وضعاً طارئاً وبحاجة إلى الإسعاف وهم وحدهم قادرون على تلك المهمة ولهذا لم يبق هناك طريق لإنقاذ النظام إلا إسقاط حكومة الرئيس روحاني. 

 

إن تفاقم الأزمة الإقتصادية وسقوط العملة الوطنية وارتفاع العملة الصعبة والغلاء الشديد وغياب الكثير من السلع الأساسية وغير الأساسية من المحلات وكل ذلك حدث بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن نيته بالإنسحاب من الإتفاق النووي، تسبب في احتجاجات شعبية وأثار شكوكاً في مصداقية الحكومة وقدرتها على تجاوز الأزمة. 

 

تلك الأوضاع المرتبكة أتاحت لمعارضي الحكومة في الداخل الذين يتغذون من مؤسسات عسكرية وإقتصادية ضخمة فرصة للتقدم بعد فشلهم الذريع في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة العام الماضي. ويندرج سعي أنصار المرشح الرئاسي الخاسر إبراهيم رئيسي لإشعال  الإحتجاجات الشعبية  ضد الحكومة وتوجيهها في سياق محاولاتهم لإسقاط الرئيس روحاني الذي يعتبرونه رئيساً غير شرعي ينبغي التخلص منه بأي طريق، حتى عندما يرزح البلد تحت عقوبات قاسية لا دخل لحكومة روحاني فيها. 

 

وتجاهل هؤلاء حقيقة أن روحاني بريء من أي تقصير أو قصور فيما وصل إليه وبل أنه بذل جهوده من أجل إخراج البلد من العقوبات عبر المفاوضات التي أدت إلى توقيع الإتفاق النووي.

 

وعندما أخفق الشبيحة في إسقاط حكومة روحاني عبر الإحتجاجات التي أطلقوها رافعين شعارات الموت للغلاء والموت لروحاني على حد سواء، علقوا آمالهم على البرلمان الذي استجوب الرئيس روحاني واعتبر إجاباته غير كافية وحول الملف إلى السلطة القضائية. 

 

إن الجهات التي تقترح للمرشد الأعلى بالإيذان لهم لإسقاط الحكومة التي انبثقت عن صناديق الإقتراع لا تؤمن بحق الشعب في تقرير مصيره ويعتبر الناس قطيعاً من المواشي وليس أكثر. 

 

ولكن يبدو أنهم أصيبوا بخيبة أمل عندما وقف خامنئي بجانب الحكومة وأكد على أن الحكومة هي التي تتولى جميع الشؤون التنفيذية داعياً إلى تجنب الإنشغال بأعمال موازية لشؤون الحكومة مما يعني بأنه يرفض فكرة إسقاط الحكومة تحت أية ذريعة. 

 

ويبدو أن تلك الجهات تريد سحب البساط من تحت قدمي المرشد الأعلى نفسه وليس الرئيس روحاني فحسب. حيث أن تكلفة إسقاط الحكومة ستكون باهظة جداً ولا يريد خامنئي دفعها.