أسئلة كثيرة لا إجابة عليها طالما أن التناقضات بين رجليّ الدولة الروسية لا مبرر لها أمام العالم المتمدن والمتحضر
 
هل هو ذبذبة في الموقف الروسي من أميركا؟ أم ان غياب التنسيق بين الرئيس الروسي ووزير خارجيته هو سبب هذا التذبذب ؟ أم ان لعبة قديمة يمارسها الآن بوتين ولافروف بغض النظر عن فداحة هذه اللعبة وآثرها المباشر على سمعة روسيا المحاطة بأسوأ سمعة بين دول العالم الثالث ؟
 
أسئلة كثيرة لا إجابة عليها طالما أن التناقضات بين رجليّ الدولة الروسية لا مبرر لها أمام العالم المتمدن والمتحضر اذ لا يلعب اللاعبان بوتين ولافروف في الساحات المعتادة على الكذب السياسي و اللعب الدبلوماسي الأعرج كي يصفق رؤوساء النفاق لمن يكذب ويغاير ويزور في الحقائق .
 
قال الرئيس الروسي أن الأمريكيين زملاء لنا في سورية من خلال مواجهة التنظيمات الارهابية في حين أن وزير خارجية روسيا قال  بأن " لا مبرر لوجود الأمريكيين في سورية وهم يعملون على إقامة دولة كردية ويدعمون التنظيمات الإرهابية ويسهلون عودة داعش الى سورية"  وكانت روسيا قد نددت بضرب طائرات التحالف لتنظيم داعش في الرقة ودير الزور واعتبرت هذه ضربات موجهة ضدّ سكان سوريين آمنين .
 
و أشار لافروف الى وجود الأمريكيين والفرنسيين على أنه وجود غير  شرعي كون السلطة الشرعية السورية لم تستدعي الدولتين الأمريكية والفرنسية كي يكون دورهما دوراً مبرراً بل بالعكس هو حضور متجاوز للإرادة السورية في حين أن لافروف لم يفتح فمه عن الدور والوجود التركي والذي تعتبره السلطة الشرعية السورية التي يتغنى بها لافروف  أحد رموز النظام الشمولي البائد وجود احتلال و انها ستتعاطى معه كمحتل فكيف نزن كلام لافروف و بأي ميزان الاّ اذا كان لافروف هو الكيل و المكيال معاً وهو من يعطي شهادات حُسن سلوك للدول المتواجدة في سورية وهو من يحدد وظيفة كل دولة متواجدة بناءًا على مصلحة روسية لا على مصلحة سورية .
 
 
 
اذا كانت روسيا تخاف وتحذر من أميركا وغير مستعدة للدفاع عن نفسها لفك طوق العقوبات الأمريكية عنها ولا تنشط لاسترداد أوكرانيا بعد أن هددها الأوروبيون و الأمريكيون فأوقفت كل تهديداتها لأوكرانيا وسحبت العروض العسكرية التي استعرضتها ضدّ أوكرانيا بعد تنديدين أوروبي و أميركي وبقيت ملتزمة خطوط الحمر ولم تتجاوز خطاً خوفاً من أميركا .
 
ثمّة عقوبات أمريكية جديدة على روسيا وثمّة انسحاب أميركي من اتفاقية التسلح مع روسيا على غرار خروج أميركا من الاتفاق النووي مع إيران وهذا ما أخاف بوتين فأرعد مندداً بخطورة انسحاب أميركا من اتفاقها ومن التزامها مع روسيا وهذا ما سيضع روسيا في أزمة استقرار أمني بعد أن فقدت الضمانات الأمريكية في هذا المجال .
 
ليس من السهل أن تلعب روسيا مع أميركا القادرة على فتح كل ملفاتها في آن واحد وهذا ما سيحاصرها دولياً كونها لم تلتزم بعد بمعايير الدول المتقدمة وما زالت تستخدم أدوات ووسائل الاتحاد السوفياتي في الحكم وهذا ما ألغى من دور الديمقراطية وعطّل من أدوار المعارضة و آخر من الحريات ومن الحقوق وهذا ما أبقى السجون في روسيا مفتوحة للمعارضين تحت سيول من الاتهامات الواهية .
 
لذا تسرع روسيا في عودة سورية الى طبيعتها دون الحديث عن أي سعي جدي لتغيير بنية النظام وهي استفادت من الخدمات التركية التي جعلت انسحابات المسلحين خدمة مجانية لروسيا من باب الكيدية السياسية لأميركا و لدول عربية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية وتقوم بتثبيت نفوذها هناك كمقدمة لدور أوسطي تسهم فيه روسيا من بوابة الدخول الى ترتيبات أمنية جديدة للمنطقة وهذا ما دعت اليه روسيا وسعت له مع الأمريكيين و الأوروبيين الذين لم يتجاوبوا مع المساعي الروسية المكثفة في هذا المجال كون روسيا دولة وافدة على منطقة لا ترتبط بها ومعها بأي مصالح تاريخية تُذكر .