ذكريات مؤلمة يصعب نسيانُها، إلاّ أنّ تجاوزها بات ضرورة مُلحّة لإعادة لُحمة ما تصدّع بين قياداتٍ وطنية تسعى جاهدةً لبناء مداميك صالحة لبناء دولة القانون والمؤسسات الشرعية
 

إذ تجري إجراءات إكمال المصالحة المسيحية بين حزب القوات اللبنانية وتيار المردة بخُطىً حثيثة، لا يسعُ اللبنانيين المخلصين إلاّ الترحيب والدعاء بالتوفيق لكلا الطرفين، ذلك أنّ مجزرة اهدن التي ذهب ضحيتها الوزير الراحل طوني فرنجية وعائلته وعدداً من سكان البلدة، والتي مرّ عليها أكثر من أربعين عاماً، ما زالت بحاجة إلى طيّ صفحتها ونسيان ماضيها وبلسمة جراحها، وكان اتفاق معراب بين القوات والتيار الوطني الحر قبل عامين قد مهّد لإتمام المصالحات المسيحية، وإقفال صفحاتٍ دامية في سجلّ الأطراف الثلاثة، سالت فيها دماءٌ غزيرة، وزُهقت خلالها أرواحٌ بريئة: حروب المخيمات، حروب الإلغاء في الجانبين المسيحي والإسلامي، التصفيات الجسدية والسياسية.

ذكريات مؤلمة يصعب نسيانُها، إلاّ أنّ تجاوزها بات ضرورة مُلحّة لإعادة لُحمة ما تصدّع بين قياداتٍ وطنية تسعى جاهدةً لبناء مداميك صالحة لبناء دولة القانون والمؤسسات الشرعية، التي أنهكتها تجاوزات ومخازي الميليشيات التي سادت فترة الحرب الأهلية لأكثر من خمسة عشر عاماً، والتي وضع حدّاً لها اتفاق الطائف رغم كلّ عثراته وخيباته (بالنسبة للمواطنين فقط).

إقرأ أيضًا: سجلاّت الحرب الأهلية السوداء وسجلات القوات البيضاء

بدا الوزير جبران باسيل غير مُوفّقٍ تماماً عندما علّق على قرب حدث المصالحة بين خصميه المستجدّين (القوات والمردة) بكلامٍ جافٍ ينكأ الجراح الدفينة، ويمسُّ المشاعر العاطفية والوجدانية للزعيم سليمان فرنجية الذي فقد أهله وصحب أهله في مجزرة اهدن، كلامٌ لا يقع  في مكانه وزمانه المناسبين، وعلى كلّ حال، لن تزيد أو تُنقص هذه "الزّلّة" الشخصية للوزير باسيل في سقطاته المتكررة بحقّ قادة سياسيّين وزعماء ما زالت لهم عند مناصريهم وأعوانهم ورفاقهم مكانة خاصّة وتقديرٍ محفوظ.

عن رسول الله محمد بن عبدالله (ص) قال: ألا أُنبئكم بشرار الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من نزل وحده، ومنع رفده وجلد عبده، ثمّ قال : ألا انبئكم بشرّ من ذلك؟ قالوا، بلى، قال: من لا يُقيلُ عثرة، ولا يقبل معذرة. ثمّ قال: ألا أنبئكم بشرّ من ذلك؟ قالوا، بلى. قال: من يبغُض الناس ويبغضُونه.