أسباب عديدة تحتم تشكيل الحكومة خلال أسبوعين
 

تفيد بعض المعلومات ان رئيس الجمهورية ميشال عون تداول خلال الرحلة الجوية من بيروت الى ارمينيا ذهابا وايابا، مع مستشار الرئيس المكلف سعد الحريري الوزير الدكتور غطاس خوري في ملف التشكيل والمقترحات الممكن ان ترسو عليها التشكيلة قبل الاجتماع المرتقب بين الرئيسين بين يوم ويوم او ساعة وساعة، فيما تؤكد المعلومات ان الصيغة التي يُعدّها الحريري باتت شبه منجزة وستعرض على الرئيس عون قريبا، برغم الجو السياسي المشحون نتيجة تصاعد الخلاف والسجالات والحملات بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والذي يوحي بعدم الاتفاق على الحصص وتوزيع الحقائب، وهو امر يجعل القرار بيد الحريري حصرا من اجل «دوزنة» التركيبة الحكومية بما يضمن التوازن الذي يرتأيه فيها، وتبقى الكلمة الاخيرة للرئيس عون بوضع توقيعه على مرسوم التشكيل او رفض الصيغة الجديدة.
 

وخلافا لما تردد عن وضع اسماء الوزراء في فراغ نوعية الحقائب، فإن مصادر بيت الوسط تؤكدان هذا الامر غير صحيح، وان الرئيس المكلف لا زال يجوجل الافكار حول توزيع الحقائب المختلف عليها، وقد بات واضحا ان النقاش محصور حاليا حول عدد من الحقائب الخدماتية والاساسية التي يريدها اكثر من طرف (الاشغال والتربية والعدل والشؤون الاجتماعية والصحة)، لاسيما القوى المسيحية الثلاث التي ستشارك في الحكومة، «التيار» و«القوات» و«المردة»، فيما تؤكد مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري ان ما سمي العقدة الدرزية باتت شبه محلولة لكن ربطا بحل عقدة التمثيل المسيحية. 

ويبدو ان اجواء التشنج السياسي المتصاعد بين «التيار» و«القوات» والتي تسبب توترا في البلد وفي شارعي الفريقين، لم تنعكس سلبيا كثيرا وبشكل معطّل على مساعي الرئيس المكلف، خاصة بعدما لمس اركان الحكم من الموفد الرئاسي الفرنسي المكلف متابعة مسار مؤتمر «سيدر» بيار دوكان وثم من الرئيس ايمانويل ماكرون شخصيا خلال لقائه بالرئيس عون في ارمينيا، حرصا فرنسيا يوحي بشيء من الضغط والتحفيز،على سرعة تشكيل الحكومة من باب «التحذير» من ان صبر الدول المانحة والصديقة للبنان لن يطول لحين الاتفاق على تشكيل الحكومة واتفاق الاطراف السياسية على ما تبقى من تفاصيل تنفيذية واجرائية تتعلق بمقررات مؤتمر «سيدر» ومترتباته المستعجلة، وانه اذا تأخر تشكيل الحكومة قد تذهب المساعدات الى دول اخرى بحاجة لها مثل لبنان إن لم يكن اكثر، واكثرها مرتبط بمشاريع نهوض الاقتصاد من بنى تحتية واستثمارات كبيرة.

وقد بات تنفيذ مترتبات مؤتمر «سيدر» عاملا حاسما في تسريع تشكيل الحكومة، وهو امر يُراهن عليه الكثيرون لتشكيل الحكومة قبل نهاية هذا الشهر، بعدما عجز السياسيون اللبنانيون عن التفاهم حول ما فيه مصلحتهم ومصلحة بلدهم، فجاءت فرنسا تدلهم على طريق الصواب القصير وهوسرعة تشكيل الحكومة.
   

وثمة من يتحدث عن عامل اخر مساعد في تسريع تشكيل الحكومة وهو اضطرار الرئيسين عون والحريري الى تشكيلها قبل فرض العقوبات الاميركية الجديدة والمشددة على ايران وبالتالي على «حزب الله» المقررة في 3 تشرين الثاني المقبل، وهو امر قد ينعكس سلبا على لبنان وقد يعرقل او يصعّب او يؤخرعملية التشكيل. ولذلك يعتقد بعض المتابعين ان معرفة الاطراف السياسية بحاجة الحريري الى تسريع التشكيل نتيجة ضغوط مترتبات مؤتمر «سيدر» والعقوبات الاميركية، يدفعها الى التشدد في مطالبها علّها تستطيع تحصيل مكاسب اضافية معينة بنوعية الحقائب قبل ان يحسم الحريري امره ويضع صيغة الامر الواقع التي يراها مناسبة والمفروضة على كل القوى السياسية. 

 ولكن في حال تجاوزالرئيس المكلف الخلاف بين «التيار والقوات» - وهوخلاف يتجاوزموضوع تشكيل الحكومة الى الصراع على الشارع المسيحي والسلطة وصولا الى رئاسة الجمهورية لاحقا- وانجز تشكيل الحكومة، فإن استمرار هذا الصراع قد ينعكس سلبا على عمل الحكومة الجديدة لاحقا تعطيلا وعرقلة وكيدية سياسية تعيق انطلاقة الحكومة والعهد بالشكل الذي يتمناه كلّ من الرئيسين عون والحريري.