الاستغراب هنا ليس لاستبعاد أميركا عن استخدام الفوسفور بل من روسيا التي دكت سورية دكاً واستخدمت كل الأسلحة المدمرة والمحرمة ودون أن يرف جفن بوتين وباعتراف الروس أنفسهم
 

روسيا نسخة طبق الأصل عن الأنظمة السائدة في الشرق الأوسط أو انها كبرى الدول المستبدة لذا لا فرق بينها وبين النخب السلطوية التوتاليتارية المعتمدة على جزمتيّ الأمن والعسكر والتي تتقن فنيّ الخداع السياسي و الاعلامي وإن بحرفية أقل وبمهنية بسيطة وبالتالي فإن أدواتها الدبلوماسية مجرد تحف لزينة متاحف التاريخ كما هو حال الكثيرين ممن مروا على قيادة الدول المستبدة .

لا شيء في سياسة روسيا يبعث على الاطمئنان كونها تكذب بشكل واضح وفاضح وعلّة كذبها أنها مكشوفة بحيث تدّعي أشياء وتفعل أشياء أخرى وجديد الكذب الروسي بكاءها أمس على قرية هجين في ريف دير الزور بعد أن قصف الطيران الأميركي القرية التي تتواجد فيها بقايا " داعش " بالفوسفور الأبيض الممنوع دولياً كما ادعت روسيا ونفت أميركا. والاستغراب هنا ليس لاستبعاد أميركا عن استخدام الفوسفور بل من روسيا التي دكت سورية دكاً واستخدمت كل الأسلحة المدمرة والمحرمة ودون أن يرف جفن بوتين وباعتراف الروس أنفسهم في اختبار أسلحتهم المتطورة في الساحة السورية بغية جذب مشترين لها .


على فرض أن أميركا استخدمت المحظور والممنوع في دير الزور كما فعلت في الرقة  فلماذا لا تتحرك جحافل الروس لمواجهة أميركا المسؤولة عن تنظيم داعش كما تقول روسيا ؟ اذا كانت روسيا قد أنهت  الإرهاب في سورية فلماذا لا تضع حداً لأميركا راعية هذا الإرهاب ؟ لماذا لا تتركها دون مواجهة في حين أن إعلامها الثرثار لا يهدأ ولا يكل في تحميل أميركا مسؤولية داعش وباقي فصائل الإرهاب كما أن وزير خارجية روسيا يستغل المؤتمرات الدولية للكيل لأميركا بمكيالين من الحكي دون فعل يُذكر .

 

إقرأ أيضا : إيران أقرّت قانون مكافحة الإرهاب

 


نحن أمام ثرثرة روسيا لا غير ضدّ أميركا . كأن المنطقة الأوسطية فاقدة لثرثار فجاء الروسي ليثرثر ويغطي الفراغ القائم وهو لا يعلم أن المنطقة تعجّ بالثرثارين من ألسنة وسيوف صدئة كبت اسرائيل في البحر ألف مرّة وهزّت عرش أميركا بربع دقيقة وها هو الروسي يعيد مسرحة القوّة بانتصارات باهرة على الشعب السوري ويقف مكتوف اليدين أمام اسرائيل التي يحرس أمنها ويكفل عدم التطاول عليه ويعجز عن فعل أي عمل ضدّ أميركا ويكتفي بالاشارة الى وجودها  غير المبرر كونه لم يأت بناءًا على طلب من السلطات السورية المطعون عربياً ودولياً بشرعيتها .


لم يبق ثرثار روسي الاّ وثرثر ضدّ أميركا لقصفها داعش في ريف دير الزور حتى من لا يأذن له بوتين بالحكي حكى , من عبيد الدوما الى القطاع العربي في الاعلام الروسي , وهددوا أميركا بمحاكمتها دولياً لاقترافها جرائم حرب في سورية ولدعمها الارهاب الذي تأسّس داخل منظومات أميركية  واعتبارهم أن الحلف الذي تقوده أميركا لضرب تنظم داعش هو في الحقيقة حلف لدعم تنظيم داعش .

إن روسيا دولة ناعمة داعمة للسلام لا تؤمن بالعنف ولا تستخدمه وتجاربها شاهدة عليها من الشيشان الى سورية فأوكرانيا الى باقي الدول التي تهيمن عليها بقوّة المافيات وبحكم الجيرة والتاريخ وبحكم بقاء أميركا و أوروبا بعيدة عن هذه الدول التي عتقها الاتحاد السوفياتي لحظة تفككه وبقيت روسية امتداداً لإرث سيء وقد استقوت بالسلاح كي تضغط على دول ضعيفة منضوية تحت المظلة الروسية بالإكراه .


حبذا لو يخفف الروس من عنترياتهم القولية ضد أميركا ويندفعون ولو لمرة واحدة لفعل يشرفهم بقتال أميركا كي نصدق أن الروسي ليس ثرثاراً ولا سمساراً ولا نملة تحت رجل الفيل الأميركي وبذلك يعيد ترسيم حدود القوّة وفق خطوط جديدة أحوج ما نكون اليها كيّ نسدّ أبواب الهيمنة الآحادية لأن تعدد الأقطاب يريح العالم من بطش وجور قوة وحيدة في العالم رغم إيماننا الكامل بأن روسيا أعجز من أن تواجه أميركا و أعجز من أن تقدم نفسها كدولة تحكمها معايير الدول الديمقراطية لا معايير الدول المافاوية فنحن لا نحتاج الى نظام من سنخ الأنظمة المتوفرة في عالمنا العربي و الاسلامي ولا ضرورة له لأنه متوفر من المحيط الى الخليج وبكثرة .