هل اقتنعت إيران أخيراً بأن العداء لجيرانها لا يجعل منها قوة إقليمية؟
 

غاب هتاف " الموت لآل سعود " في ذكرى أسبوع الحاجة أم عماد مغنية التي تحدث فيه أمين عام حزب الله ، وهي من المرات النادرة في الفترة الأخيرة وعلى العكس تماماً فقد توجه السيد حسن نصر الله إلى دول الخليج وبمقدمتهم السعودية بخطاب هو أقرب إلى الخطاب الأخوي الناصح والشقيق والمحذّر من الإبتزاز الأميركي واستغلالها .

هذا الخطاب الجديد والذي يحمل بطياته إعتراف بنسف كل ما كان يروّج عن المملكة وحكامها على أنهم مجرد أتباع وعملاء لأميركا، وعن انصياعهم التام لرغباتها من دون حتى الحد الأدنى من النقاش فضلاً عن إمكانية الرفض أو الإمتناع كونهم مجرد عملاء لا حول لهم ولا قوة أمام الأوامر والإملاءات الأميركية .

أن يقول السيد نصرالله بأن الإدارة الأميركية تبتز وتهاجم أنظمة الخليج فهذا يعني بالضرورة وجود تباين ما بمكان ما بين الأميركي من جهة وبين هذه الأنظمة، لأن " العميل " و " المنبطح " و " التابع " لا يحتاج إلى إبتزاز ولا حتى إلى تهديدات من النوع الذي يطلقه دونالد ترامب في الآونة الأخيرة .

اقرا ايضا : الخاشقجي وخطيبته

دعوة السيد للسعودية بالعودة إلى المنطقة، ( طبعاً المقصود بالمنطقة هنا هي إيران حصراً )، هي دعوة سليمة ومنطقية ومبنية على قراءة موضوعية للسياسة الأميركية المعتمدة بالمنطقة والقائمة بالدرجة الأولى على الإستفادة من حالة العداء والخصومة بين إيران والسعودية وتغذيته بكل الطرق المتاحة .

لطالما صرخنا بالصوت العالي، بأن إيران بأداءها وتدخلها بالدول العربية من لبنان وصولاً إلى اليمن إنما تخدم من حيث لا تدري الرغبات الأميركية، وكانت هذه السياسات هي السبب الأول في لجوء دول الخليج وإرتمائها بالحضن الأميركي خوفاً ووجلاً من إيران وتمدّدها والخطر الوجودي الذي كانت تشكله .

تأتي دعوة السيد في لحظة الهجوم الأميركي على السعودية وعشية العقوبات الأميركية الشرسة على إيران مما يعني أن طبيعة الأمور تفرض على البلدين قراءة جديدة وإصطفاف جديد لمصلحة الطرفين.

فهل اقتنعت إيران أخيراً بأن العداء لجيرانها لا يجعل منها قوة إقليمية، وأن مصلحتها هي الأخرى بمد جسور حسن الجوار بدل الخصومة التي لم تجلب للمنطقة ولها إلا الويلات والمصائب وعليه فتكون دعوة السيد هي صدى لتصريحات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الإيجابية ؟ 

أعتقد بأن الأمور بهذا السياق. يبقى القول بأن على إيران إذا ما كانت جادة بتوجهاتها الجديدة فعليها أن تقدم على خطوات عملية أكثر من مجرد دعوة من هنا وتصريح من هناك، لأن التراكم السلبي بين البلدين هو أكبر بكثير من أن يخترق بالأقوال وعلى إيران أن تبدأ بتصحيح ما أفسدته عبر خطوة عملية كبيرة ساحتها الأولى تكون باليمن، لأن الأوان لم يفت بعد .