عبقرية باسيل، والتي تضيع سُدىً عند الشعب اللبناني الذي لا يُقدّر عظمة انبياء هذا الزمن، فتتجلّى بوضعه معايير عامّة يُسخّفها خصومه
 

أولاً: انحطاط عام...

المجتمع اللبناني في خضمّ عصر الانحطاط، انحطاط على كافّة الصُّعُد: سياسي واجتماعي وديني وأخلاقي، يتعرّض رجل دين (ياسر عودة) لأعنف حملة ظالمة وحاقدة بسبب مواقفه الرافضة لكلّ ما هو مُنحطّ ولا أخلاقي ولا ديني ولا شرعي حتى، في المجال الأخلاقي حدّث ولا حرج: بات نهب المال العام والسّطو على المرافق العامة وتكديس الثروات اللاشرعية عملاً مبرّراً، لا بل محموداً ومطلوباً، في المجال الأدبي: انطفأت شعلة الأدب والثقافة والشعر والرواية، لتحُلّ محلّها متفرقات لا ترقى لمصاف الفكر والأدب.

ثانياً: باسيل والانحطاط السياسي...

الطّامّة الكبرى والمصاب الجللّ ما زالا في المجال السياسي، ويتصدر الوزير جبران باسيل حقبة الانحطاط السياسي، وخير مثالٍ على ذلك، ظهوره الطويل بالأمس مع الإعلامي مارسال غانم على شاشة الMTV، يستعمل مهاراته في الحذلقة والتّضليل واستغباء المشاهدين، وهو يسوق بجدارة "الهبل على الشّيطنة" مع الشعب اللبناني الصابر، يُمعن في عرقلة تأليف الحكومة العتيدة، ويتساءل ببراءة الأطفال: كيف نُتّهم بعرقلة أمور العهد؟ أليس العهد عهدنا!، وكيف نعرقل أنفسنا؟، نعم هذه هي الأحجية يا معالي الوزير التي لم نتمكّن من حلّ "شيفراتها": لماذا تعرقلون أنفسكم؟ ولصالح من يا ترى؟ ومن ثمّ يحاول باسيل إقناعنا بأنّه وصل للمراتب العليا بكفاءاته المتعددة ومواهبه الخارقة، وبعيداً عن علاقة المصاهرة مع الجنرال عون، فهو نائب مُنتخب ورئيس تكتُّل، لعلّه نسي أنّه رسب مرتين متتاليتين في الإنتخابات النيابية، حتى مكّن له القانون النسبي الحالي من الفوز، ونسي طبعاً أنّ "عمّه" والد زوجته عطّل تأليف حكومة ذات مرّة سبعة أشهر كُرمى عيون الصهر "الخمريّتين"، وقالها جهاراً نهاراً، أمّا افتخاره برئاسة تكتُّل ، فيكفي تذكيره بأنّ عمّه الجنرال هو من أورثهُ قطيعاً بالتّزكية بعد أن تمّ سحب إبن أخت الرئيس عون من التنافس الرئاسي تقديماً للنّسب على رابطة الدّم.

اقرا ايضا : جعجع قلبُه على البلد، وباسيل قلبه على المسيحيين

 

فاخر باسيل طوال المقابلة بتقديم كافة التسهيلات لتشكيل الحكومة، وكيف لا، وقد اقترح حكومة بدون التيار الوطني، وقال لرئيس الحكومة: ألفوها بدوننا،أو أعطونا ما نُمليه عليكم، وهكذا:

ألقاهُ في اليم ثمّّ قال له 

إياك، إياك أن تبتلّ بالماء.

ويتساءل باسيل ببراءة: لماذا حرّمتُم علينا وزارتي المالية والداخلية؟ وتركتم لنا "الفُتات"، الخارجية والدفاع. والشعب الصابر المستضعف يقول: ألا لعنة الله على الزمن الذي سمح لكم ولخصومكم  بالقبض على الوزارات السيادية الأربع .

أمّا عبقرية باسيل، والتي تضيع سُدىً عند الشعب اللبناني الذي لا يُقدّر عظمة "انبياء" هذا الزمن، فتتجلّى بوضعه "معايير عامّة" يُسخّفها خصومه ويرفضونها، مع أنّها عادلة وتعكس إرادة الناخبين، وهي بكلّ بساطة تسطو على أحد عشر مقعداً وزارياً، خمسة للرئيس وستّة لباسيل، أمّا حصّة القوات فهي ثلاثة مقاعد فقط لا غير، ووفق معياره الجديد (وزير لكل خمسة نواب)، فهو يضمن مقعد درزي لحليفه طلال أرسلان.

أخيراً، هاكم باسيل في صورة رجل دولة مُترفّع في أنصع صورة وأفضل ناسك، ليس مرشّحاً لرئاسة الجمهورية المقبلة، أمّا المواطنين الذين نجحوا في مباريات مجلس الخدمة المدنية، ويمنع توظيفهم من سنين، فقد غسل يديه من جنايته بحقّهم، وتذاكى على اللبنانيين، بأنّ الدستور يضمن المناصفة الطائفية في الوظائف العامة، في حين هو لا يلحظها إلاّ في وظائف الفئة الأولى، يغسل يديه من جريمة تعطيل المرافق العامّة وهضم حقوق المواطنين، في حين ظهر له تسجيل مُسرّب يفاخر فيه بعرقلة هذه المراسيم، حفاظاً على حقوق المسيحيين"المزعومة"، وصل الانحطاط إلى الدّجل والتّدليس واحتقار عقول المواطنين الغافلين الصابرين.