لعب الوزير جبران باسيل دور الضحية في إطلالته التلفزيونية في برنامج ″صار الوقت″ مع الزميل مرسال غانم على شاشة MTV، وسعى جاهدا الى التحدث بـ ″طوباوية″، تبرئة نفسه وتياره من الفساد والصفقات والبواخر، ومن تعطيل تشكيل الحكومة، محملا المسؤولية بكل جدية وثقة للأطراف السياسية الأخرى مجتمعة، منتقدا بشدة الاعلام واصفا إياه بأنه ″يشوّش أفكار اللبنانيين″، حيث ردد أكثر من عشر مرات ردا على أسئلة إتهامية من الزميل غانم بأن ″الحق على الاعلام″، من دون أن يوفر خصومه المسيحيين من القوات اللبنانية الى تيار المردة وأن يدق إسفينا بينهما على أبواب المصالحة المنتظرة.

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن أن تسجل على الاطلالة الباسيلية التي خلت من أي تناغم بين الضيف وبين مقدم البرنامج الذي سعى بكل الوسائل لاحراجه وإستخراج مكنوناته، وقد نجح في دفع باسيل الى الاعلان بأنه ليس مرشحا الى رئاسة الجمهورية.

أبرز هذه الملاحظات:

أولا: محاولة باسيل فرض أعراف جديدة حول الحصة الوزارية لرئيس الجمهورية، شاهرا سلاح توقيع الرئيس على التشكيلة الحكومية والذي يسمح له برأيه أن يفرض معايير التأليف، ما يقلص من صلاحيات رئيس الحكومة بشكل تلقائي.

ثانيا: محاولة باسيل إظهار الرئيس سعد الحريري بأنه قليل الحيلة وغير قادر على إتخاذ قرارات حاسمة بشأن تأليف الحكومة، موحيا بأن التيار الوطني الحر يساعده على حل بعض العقد التي تقف في طريقه.

ثالثا: حاول باسيل مرارا تجاهل صلاحيات وحضور رئيس الحكومة لمصلحة حضور رئيس الجمهورية القوي.

رابعا: الايحاء بأن حصول التيار الوطني الحر على 11 وزيرا في الحكومة ليس من أجل ضمان الثلث المعطل، وإنما هو نتيجة للواقع الذي أفرزته الانتخابات النيابية بالنسبة للتيار، الى جانب حصة الرئيس التي يفرضها العرف، ما دون ذلك من يريد أن يعطي من حصته لأطراف أخرى فهذا شأنه، غامزا من قناة الرئيس الحريري بأنه يريد إعطاء الوزير الرابع للقوات اللبنانية من حصته.

خامسا: حرص باسيل على أن يلعب دور الوصي على الحكومة وعلى توزيع الحقائب على الأطراف السياسية.

سادسا: دخول باسيل في تناقض واضح بالنسبة لعلاقة تياره بالقوات، لجهة عدم ممانعته بأن تحصل على وزارة سيادية بداية، ثم رفضه إعطائها أكثر من ثلاثة وزراء، وإتهامها بأنها هي من نقضت تفاهم معراب، وهي من تعمل على تفشيل العهد، وأن حراستها من خلال الوزير ملحم رياشي لهذا التفاهم هو الذي أوصله الى ما وصل إليه، من ثم دعوتها الى التعاون لأن فشل العهد يعتبر فشلا للجميع في لبنان.

سابعا: محاولة باسيل النيل من تيار المردة متهما إياه بعدم وجود خطة لديه لوزارة الأشغال التي شدد على أن تكون مع وزارة الطاقة من حصة التيار الوطني الحر.

ثامنا: بدا باسيل منزعجا الى أبعد الحدود من المصالحة المنتظرة بين القوات والمردة، وهو حاول أن يدق إسفينا بينهما ضمن إطار الاشادة بالمسامحة التي يتحلى بها النائب سليمان فرنجية، وتذكيره بشكل غير مباشر بأن سمير جعجع قتل والده ووالدته وشقيقته، بينما الخلاف معه هو خلاف بالرأي والموقف ما يعني أن المياه قد تعود الى مجاريها بسهولة بينه وبين فرنجية أكثر من جعجع.

تاسعا: إعتراف باسيل بأن الفساد كان أقوى من العهد الذي فشل في محاربته، وكذلك ملف النازحين السوريين.

عاشرا: إصرار باسيل على أن لا خلاف بينه وبين الرئيس سعد الحريري، لكن في سياق حديثه ظهر أن الهوة بين الرجلين تزداد إتساعا، حيث لم يأت باسيل على ذكر أي موعد عن لقاء مرتقب بينه وبين الرئيس المكلف.

بدا واضحا أن باسيل يعتمد قاعدة أن ″أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم″، لذلك فهو لم يوفر أحدا من لكماته لكن بـ″قفاز من مخمل″ طال به أيضا الرئيس الحريري، من دون أن ينسى باسيل أن يقدم نفسه، بأنه ضحية العهد والاعلام، وأنه يتعرض من خصومه لاغتيال سياسي كونه يريد مصلحة لبنان واللبنانيين.