حرّكت زيارة الموفد الفرنسي إلى لبنان بيار دوكان، المكلّف من الرئيس إيمانويل ماكرون متابعة ملف مؤتمر «سيدر»، الجمود السياسي والإداري الذي يعرقل انطلاقة الإجراءات الإصلاحية في لبنان، ونقل رسالة إلى المسؤولين السياسيين، والمسؤولين في القطاعين الاقتصادي والنقدي، تشدد على ضرورة الإسراع باتخاذ قرارات عاجلة لجهة تأليف الحكومة، أو لجهة وضع استراتيجية للحد من العجز في الميزانية العامة ووقف الهدر وترجمة وعود الإصلاح التي قدّمت خلال مؤتمر «سيدر».

واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري المسؤول الفرنسي، وتناول الحديث مؤتمر «سيدر» ومتابعة قراراته. وثمن دوكان «ما قام به مجلس النواب اللبناني بإقرار سلسلة قوانين تتعلق بـ(سيدر) من تهيئة الأجواء حتى لا تضيع 6 أشهر أخرى غير الأشهر الستة الماضية». كما تطرق الحديث إلى بعض القوانين التي يجب أن تنفذ لحسن سير الإدارة في لبنان، وإلى مؤتمر روما وتعزيز دعم الجيش اللبناني وإنشاء قوة بحرية لبنانية.

وفي حين لا تزال مهمّة دوكان في بدايتها، خصوصاً أن جدول لقاءاته سيشمل القيادات السياسية ومسؤولي الهيئات والمؤسسات الاقتصادية والمالية، وبينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري، لـ«الشرق الأوسط»، أن الفرنسيين «باتوا قلقين من التأخير في تنفيذ الإصلاحات التي قدّمها لبنان للمجتمع الدولي خلال مؤتمر (سيدر)، خصوصاً أن تجربتهم مع لبنان غير مشجعة؛ إذ اختبرت في مؤتمرات (باريس1) و(2) و(3) السابقة، ولم ينفذ شيء من إصلاحاتها الموعودة»، وأشار خوري إلى أن «الموفد الفرنسي تحدث عن مرونة وتفهّم بلاده للوضع في لبنان، خصوصاً أنها ليست المرّة الأولى التي تتأخر فيها ولادة الحكومة، لكنه نبّه إلى أن فرنسا ليست وحدها المعنية بهذا المؤتمر، فهناك دول مانحة تريد إجراءات سريعة لإنقاذ مقرراته». وشدد وزير الاقتصاد على أن «مؤتمر (سيدر) هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوضع الاقتصادي، وباريس معنية بعدم تضييع هذه الفرصة»، لافتاً إلى أن «ترجمة مقررات المؤتمر ستبدأ فور تشكيل الحكومة العتيدة».

ويعد الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزنة، أن «رعاية فرنسا لمؤتمر (سيدر) تمثّل دعماً اقتصادياً ومالياً وحتى سياسياً للبنان، خصوصاً أن المؤتمر انعقد في الأسبوع الأول من شهر نيسان (أبريل) الماضي، وقبل شهر واحد من موعد الانتخابات النيابية»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فرنسا «تحث لبنان على عدم إضاعة الفرصة الأخيرة لإنقاذه، وهي تواكب التطورات التشريعية، وتحض على الإسراع في تأليف الحكومة»، لافتاً إلى أن «تأخير تشكيل الحكومة سيرفع نسبة العجز، ويزيد المخاطر على الديون السيادية التي انعكست مع ارتفاع معدلات الفوائد».

من جهته، أكد نديم المنلا، مستشار رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، أن زيارة موفد الرئيس الفرنسي السفير بيار دوكان «مقررة مسبقاً، وسيتم النقاش معه في الموضوعات التي تندرج في آلية المتابعة لما بعد مؤتمر (سيدر)»، كاشفاً عن «اقتراحات فرنسية لتعيين اللجنة المشتركة للمتابعة، وسيتم الاتفاق على كيفية عملها». وشدّد المنلا على «حرص جميع أصدقاء لبنان؛ وعلى رأسهم فرنسا، على ألا يكون هناك فراغ دستوري، وهم يدفعون لتشكيل حكومة في أسرع وقت». ونفى المنلا ما يقال عن «تحذيرات في ما يخصّ مؤتمر (سيدر) في حال التأخير في تشكيل الحكومة».