نهار أبيض بوجه الظلمة... تويني تخرج عن صمتها
 

لم يكُن صباح صحيفة "النهار" كعادته، حيثُ فاجأت قرّاءها بخروج الصحيفة بدون محتوى ووزّعت الصحيفة على الباعة بصفحات بيضاء، كما أنّها لم تكتفِ بتلك الخطوة، بل قامت إدارة الصحيفة بتبييض الصفحة الخاصّة بـِ موقع الجريدة على الإنترنت، وحساباتها على كافّة مواقع التّواصل الإجتماعيّ.

وخلال ساعات الصباح الأولى، ضجّت مواقع التّواصل الإجتماعيّ، بصورٍ من نسخة اليوم من الصحيفة، حيثُ رجّح الروّاد وبعض أهل الصحافة، أن يكون السبب الرئيسيّ وراء الإقدام على تلك الخطوة هو الأزمة الماليّة التي تُعاني منها الصحيفة، كما هو حال أغلب الصحف والشاشات في لبنان.

أغلب التعليقات حمّلت السلطة الأزمات التي تطال الصحف والوسائل الإعلاميّة اللّبنانيّة، والتي عصفت بعدد كبير من الصحف خلال الفترات السابقة.

وبينما كان اللبنانيون يطرحون تساؤلات عن سبب توقف "ديك النهار عن الصياح" هذا الصباح، أطلّت رئيسة مجلس إدارة الصحيفة، نايلة تويني، لتقطع الشك باليقين حول مصير الجريدة العريقة التي بدأت مسيرتها قبل أكثر من 8 عقود.

إقرأ أيضًا: هل الشريط الورديّ وحده قادر على مواجهة سرطان الثدي؟

وفي مؤتمر صحفيّ، كشفت تويني أنّ النهار إختارت إطلاق صرخة مدوّيّة بوجه الفساد المستشريّ، عبر رسالة تحمل أيضًا تحذيرًا بشأن تدهور الأوضاع وتفاقم الأزمات التي تتخبّط فيها البلاد.

وقالت تويني:" بياض صفحات النهار هذا الصباح هي لحظة تعبير مختلفة عن شعورنا الأخلاقي العميق كمؤسسة وطنية تجاه الوضع الكارثي غير المحمول الذي نعيشه في لبنان على كل المستويات، من تقاسم للحصص وانتظار تشكيل حكومة جديدة والمشاكل الاقتصادية.."، مُتأمّلة في أن "يكون إصدار اليوم نقطة تحول وناقوس خطر تجاه الأزمات"، داعية المسؤولين إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت"، قبل أن تؤكّد أنّ المعلومات حول توقف النهار عن الصدور غير صحيحة فـَ"نحن مستمرّون ورقيًّا وإلكترونيًّا رغم ما يمرّ به البلد من أزمات".

وأصرّت تويني على أن الهدف من العدد الأبيض هو رسالة إحتجاج، وإصرار على أنّ الصحيفة "مستمرّة وستبقى تكتب وتعبّر وتنقل وجع الناس وهمومها وقضاياها"، مطلقًة شعار "يوم أبيض بوجه العتمة".

وفي تصريحاتٍ نشرتها وسائل محلّيّة، قال وزير الإعلام ملحم رياشي، إنّ الأزمات الماليّة تتفاقم وتزيد من التحدّيات أمام الصحف الورقيّة، لاسيما أنّ توقف "دار الصياد" عن إصدار مطبوعاتها ليس الأوّل، ولا شيء في الأفق يُشير بأنّه الأخير المنضمّ إلى سلسلة المطبوعات التي توقّفت قسرًا عن ملاقاة قرّائها في بيروت والعالم العربي.

إقرأ أيضًا: هل يتحمّل العهد مسؤولية تطيير بند اأدوية السرطان؟

وسيطر الجمود كما طغت الأزمات السياسيّة على المشهد في لبنان خلال الأعوام المُنصرمة، أمّا الإقتصاد فهو يواجه أزمة تلوح في الأفق بسبب الدين العام  المُتراكم الذي يُعدّ واحدًا من أعلى معدّلات الدين العام في العالم.

وقال رئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري هذا الأسبوع، إنّه يأمل في تشكيل حكومة جديدة بعد عودة الرئيس ميشال عون من زيارة يقوم بها إلى الخارج، لكنّ لم يظهر ما يدلّ على قرب التوصّل لإتفاقٍ نهائيٍّ.

يُشار إلى أنّ أزمة الإعلام في لبنان ظهرت على صحيفة النهار منذ مدّة حيثُ تمّ تقليص عدد صفحات الجريدة من 24 إلى 12 إلى ثماني صفحات، كما صرفت الصحيفة عددًا كبيرًا من العاملين بها، وتأخّرت لأشهر عن دفع مستحقاتها الماليّة. وتوقفت صحيفة 'السفير' اللبنانية نهاية عام 2016، بعد 42 عامًا على تأسيسها، وقال رئيس تحرير طلال سلمان، إن الصحيفة توقفت بسبب الأزمة المالية، وفي نهاية أيلول الماضي، أعلنت دار الصياد التي تملك صحيفةَ 'الأنوار' وعدداً من المجلات الفنيّة والمنوّعة التوقف عن الصدور، وأغلقت صحيفة 'الحياة' السعوديّة مكتبها في بيروت قبل أشهر، وهو الذي تأسّس قبل أكثر من سبعة عقود، ولم تستمر صحيفة 'الإتحاد' العام الماضي في لبنان، أكثر من شهرين وأغلقت دون أن تكشف الأسباب الدافعة إلى ذلك.