«حكومة الضرورة» هل تُبصِر النور بعد عشرة أيام؟
 

خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء، هذا حال الوضع الحكومي منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها قبل حوالى ستة أشهر، أما الأسباب المعلنة فهي اختلاف الفرقاء على تقاسم الحصص، وعجز الرئيس المكلف عن التوفيق في ما بينها لأن كل فريق يتشبث بشروطه، ويرفض أن يقدم أية تنازلات من شأنها أن تساعد على الإسراع في تأليف الحكومة التي بات وجودها أكثر من ضروري بعدما شارف البلد على الانهيار المدمر على حدّ التعبير الذي استخدمه رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل بعد إعلان الرئيس المكلف عن تفاؤله بقرب تشكيل الحكومة العتيدة.

إن الصرخة التحذيرية التي أطلقها رئيس حزب الكتائب المعارض للنهج القائم لم تلقَ أي صدى أو اهتمام عند الأفرقاء والمعنيين بالعرقلة بدليل ردّ رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل على التفاؤل الذي أبداه الرئيس المكلف والذي يدل على ان رئيس التيار لا يزال يتمسك بالشروط التي أطلع الرئيس المكلف في آخر لقاء بينهما والتي تقوم على ان يحصل تكتل لبنان القوي مع الحصة المقترحة لرئيس الجمهورية على الثلث المعطل وعلى أكثرية الثلثين مع حلفائه الآخرين أي حزب الله وباقي القوى السياسية التي تدور في فلكه.

والذي استمع إلى ردّ الوزير باسيل على التفاؤل الذي عبّر عنه الرئيس المكلف بعد آخر اجتماع عقده مع رئيس الجمهورية يستخلص أن الوزير باسيل ما زال على موقفه الثابت من التشكيلة الحكومية وهو الحصول وحده على الثلث المعطل والحصول مع حلفائه على أكثرية الثلثين وبذلك يضمن أن الحكومة العتيدة ستكون حكومة العهد الأولى، وإلا ما هو مبرر رده السلبي على تفاؤل الرئيس المكلف ولماذا لم يحصل حتى الآن الاجتماع بينه وبين الرئيس الحريري لتبادل الآراء في كيفية الخروج من هذه الأزمة التي تستنزف العهد الذي يعنيه ويهمه أن ينجح أكثر من أي فريق أو طرف آخر.

وإذا الوزير باسيل حاول التخفيف من الصدمة التي تركها ردّه على الرئيس المكلف بأن أوضح عبر النائب المعتدل آلان عون أن رئيس الحكومة هو الذي يُشكّل الوزارة لكننا كتلة نيابية لنا رأي في الموضوع من حقنا ان نعلن عنه، فإنه في ذات الوقت ترك أكثر من علامة سوداء على الجو العام، لأنه بذلك يُؤكّد على ان الوزير باسيل ما زال على شروطه القديمة في الحصول على أكثرية المقاعد الوزارية، ولن يتزحزح عن هذا الموقف، مما معناه ان الأزمة ما زالت تراوح مكانها، وأن مشوار التأليف ما زال طويلاً، وربما كان هذا الاستنتاج هو من أحد الأسباب التي جعلت رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي هو على اطلاع على كل مجريات الأمور، ليبقى تفاؤله حذراً اتجاه ما أعلنه الرئيس المكلف من ان الحكومة العتيدة ستبصر النور خلال الأيام العشرة المقبلة.

الأوساط السياسية تبدي بدورها نفس حذر الرئيس برّي، لأنها تعرف بأن رئيس الجمهورية لن يغير موقفه من التشكيلة التي قدمها إليه الرئيس المكلف والتي بقيت على أساس التوازن بين فريقه وفريق رئيس الجمهورية وليس على الأساس الذي يريده الوزير باسيل وهو حكومة أكثرية في واقعها، ووفاق وطني في الشكل بمعنى ان تكون الأكثرية من لون واحد تغطي العهد وتنفذ مشاريعه وسياسته وتلتزم بنهجه فيما يقتصر حضور الفريق الذي يمثله الحريري على أقل من الثلث المعطل أو أكثر بقليل من الثلث المعطل وهذا الخلاف أو السبب الرئيسي الذي ما زال يحول حتى الآن دون ولادة الحكومة، وهذا ما عبّر عنه الرئيس المكلف عندما أكّد في معرض ردّه على الوزير باسيل وعلى الأصوات التي تنادي بحكومة أكثرية من أنه متمسك بتشكيل حكومة وفاق وطني تكون متوازنة، ويقصد بذلك ان لا يكون هناك هيمنة على الحكومة لفريق الممانعة المتحالف مع التيار الوطني الحر.

وتتمنى هذه الأوساط أن يكون تفاؤل الرئيس المكلف مبني على معطيات جديدة أو على وعد من رئيس الجمهورية بأنه مستعد لتقديم تنازلات لتسريع ولادة الحكومة، لأن الوقت يضيق والخسائر تكبر كلما بقيت البلد يوماً اضافياً بلا حكومة تدير شؤون النّاس وتتصدى للتحديات الكثيرة التي تتراكم مع كل يوم تأخير.