اخترقوا البريد الإلكتروني لمدير الأمن العام وقاعدة بياناته
 

اتهم القضاء العسكري اللبناني أمس، ثلاثة أشخاص بقرصنة مواقع إلكترونية تابعة للأجهزة الأمنية، وسرقة معلومات سريّة، حيث طلب قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا عقوبة الأشغال الشاقة حتى 15 عاماً للمتهمين خليل صحناوي ورامي صقر وإيهاب شمص، بجرم قرصنة مواقع عائدة لقوى الأمن الداخلي، والأمن العام وأمن الدولة، والحصول على معلومات سريّة تتعلّق بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وأسماء وهواتف كبار ضباط الأجهزة الأمنية ومواقعهم وهواتفهم الخاصة، وأحالهم على المحكمة العسكرية لمحاكمتهم، فيما منع قاضي التحقيق المحاكمة عن المدعى عليه كريستوفر درجاني لعدم توفر أركان الجرم بحقه.

وكشفت وقائع القرار الاتهامي الذي أصدره القاضي أبو غيدا أن «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي ألقت القبض على المدعى عليهما رامي صقر وإيهاب شمص، لإقدامهما على قرصنة مواقع عائدة لشركة «أوجيرو» (التي تدير الهاتف الثابت في لبنان)، ولشركات خاصة ومصارف وسرقة معلومات منها، وهذه الواقعة موضوع تحقيق أمام قاضي التحقيق في بيروت (القاضي أسعد بيرم).

وأشار إلى أنه «في معرض التحقيق مع صقر وشمص، اعترفا بإقدامهما على قرصنة مواقع قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، وقد اعترف صقر أن المدعى عليه خليل صحناوي «زوّده ببرامج اختراق لشبكات المؤسسات الأمنية وكافة الشبكات الأخرى في لبنان، واستطاع الدخول إلى شبكة الأمن الداخلي والحصول على معلومات لجداول كلمات المرور (password) وعلى جداول أسماء الضباط ومواقعهم وأرقام هواتفهم، وأعطى تلك المعلومات إلى صحناوي»، لافتاً إلى أن زميله إيهاب شمص «ساعده بالقرصنة وقاما معاً بقرصنة خادم تابع لشركة (I.D.M)، الذي يستضيف مواقع للأمن العام وأمن الدولة والبريد الإلكتروني العائد لهاتين المؤسستين».

وكشف صقر في اعترافاته بأنه «حصل على البريد الإلكتروني لأكثرية ضباط قوى الأمن، كما تمكن من اختراق البريد الإلكتروني العائد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ووجد عليه دعوات إلى مؤتمرات وخطة لتوحيد قاعدة البيانات المتعلّقة بالمؤسسة». وقال المتهم صقر في اعترافات، إن «المدعى عليه خليل صحناوي لم يستعن بالموظفين الأجانب الذين يعملون في شركته، وهم من الجنسيات الأميركية والألمانية والفرنسية بعمليات القرصنة، لأن هؤلاء رفضوا طلبه أو تزويده بمعلومات مقرصنة، بينما قبلت أنا بذلك لأنه كان يساعدني ماديا ووظفني في شركته».

وجاءت إفادة المتهم إيهاب شمص مطابقة لزميله صقر، فاعترف بأنه اشترك مع صديقه رامي صقر في «قرصنة خوادم الشركات ومنها شركة (I.D.M) التي توجد عليها المواقع الإلكترونية للمؤسسات الأمنية، وقد تمت قرصنتها، خاصة غرفة العمليات العائدة لقوى الأمن الداخلي، وملفات الموقوفين ومحاضر ضبط السير وأسماء الضباط وعناوينهم وهواتفهم»، لافتاً إلى أن رامي صقر «أرسل له رابطاً يحتوي على ملفّ عائد للواء عباس إبراهيم وضابط من آل قشمر هو مسؤول المعلوماتية في جهاز الأمن العام».

أما بالنسبة إلى المتهم الرئيسي خليل صحناوي، فتنصّل من المسؤولية عن أعمال القرصنة التي طالت المواقع الإلكترونية للمؤسسات الأمنية، وكشف في إفادته بأنه «شريك في شركة krypton security وتعرّف على رامي صقر هناك كونه موظفاً في الشركة». ولم ينكر صحناوي أنه «زوّد صقر ببرامج اختراق شبكات الأجهزة الأمنية بناء لطلبه». وقال: «بالفعل إن رامي صقر زودني بالبرامج التي قرصنها، لكني لم أعط هذه البرامج لأحد ولم أبد اهتماماً بالأمر»، مضيفا: «لم أطلب أرقام هواتف ضباط قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وعناوينهم، لكنها كانت موجودة ضمن المجموعة التي تسلّمتها من صقر».

وسلّط القاضي الضوء على خطورة أعمال القرصنة من النواحي الأمنية والاقتصادية والحريات الشخصية، واعتبر في قراره أن «فعل القرصنة هو جريمة مكتملة العناصر المادية والمعنوية، وأصبحت القرصنة من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الوطني في دول العالم كافة، لأن خطورتها لا تطال مؤسسات الدولة فحسب، بل الشركات الخاصة والمصارف وحرية المواطن وحياته الشخصية وأمواله، وتشكل تعدياً على الملكية الفكرية، عن طريق اختراع مواقع مشابهة لمواقع تلك المؤسسات، وفبركة أخبار كاذبة وبيع المعلومات لمؤسسات منافسة، وقد تؤدي أعمال القرصنة إلى تدمير الاقتصاد الوطني بشكل خطير».

واستند قاضي التحقيق إلى إفادات شهود خبراء في مجال المعلوماتية، مشيراً إلى أن «خطورة أعمال القرصنة تكمن في بيع المعلومات المقرصنة، وابتزاز أصحاب المواقع التي تمت قرصنتها واستعادتها مقابل فدية مالية مقابل عدم نشر المعلومات، كما تحصل في عمليات الخطف تماماً»، مؤكداً أن «الخطورة الأمنية تتمثل بمعرفة أسماء الضباط ومهامهم والبريد الإلكتروني لكبار المسؤولين كما حصل للبريد الخاص بمدير عام الأمن العام ومسؤول المعلوماتية بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وأسماء الموقوفين ومراكز توقيفهم وطريقة عمل كاميرات المراقبة في بيروت»، لافتاً إلى «دور القرصنة في التعدي على خصوصية وأعمال وأسرار المنظمات والجمعيات والأحزاب ومعرفة أسماء مسؤوليها ومهامهم واللوائح الانتخابية الداخلية».

وكان القاضي أبو غيدا منع المحاكمة عن المدعى عليه كريستوفر درجاني، لعدم توفر أدلة على تورطه بالجرائم المشار إليها، وعدم قبوله تقديم أي مساعدة تقنية للمتهمين المذكورين.