يظهر لنا عدوّاً ضاحكاً على هزالتنا الواقعية , وعلى إنتصاراتنا الوهمية , عدّو يتربع وسط دولٍ كبرى متهالكة , إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وتربوياً , ودينياً وفكرياً وعسكرياً
 

هل هو قدرٌ من عالم الغيب  فنقول شاءت الأقدار  وما شئنا , أم هو ثقافة من عالم الشهود , نحن شئناها بل أردناها مع الإصرار عليها ؟ هذا ما يتساءل عنه اللبنانيون الذين غرقوا في متاهات الشعارات وضاعوا , حتى بدأ البعض يخجل مما  راهن عليه , وبدا عليه الخوف  وكأنه فضيحة كبرى , أيُمْسِكه على هونٍ أم  يدُسّه في التراب , ألهذا الحد أصبحت شعاراتنا مُخجلة ؟  ليس لأنها لم تُخرّج لنا غير الفاسدين وهذا الواقع الملموس , بل لأنه كان من المسموح بها من الذين نقاتله بشرطٍ  ...!!

لا أراهن على مخيالٍ ,أستقي منه ما أقول ,  بل على واقع واضح بيّن المساس , وكلُّ من أراد رؤيته يستطيع بسهولة تلمّس آثاره وتفرعاته ومتفتقاته , على الصُعِد كافة , ولا أستثني صعيداً واحداً حتى الفكر الديني الذي أصابه الوهن , فكيف يراهَن على وهنٍ , فضلا عن تمزّقات في الأسس ؟ إذن لا رهان على شيء بعد الآن , هكذا نسمع في الأروقة  , وكل يوم يزداد الوهن واليأس ما زال في الميدان حديدان .

كيف يُقال هذا الكلام , الذي قد يعتبره البعض تحبيطاً وتيئيساً , في خضمّ المعركة مع أنه يُستحسن السكوت كما تعوّدنا من خلال  الشعارات البالية التي كانت سبباً لإستحكام الإستبداد في الوطن العربي والإسلامي , وهو مثلاً وليس على سبيل الحصر  " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة " .

بعد كل هذا السكوت من أجل دعم المعركة , وإنتظاراً لنتائج قد تكون قريبة من الخيال , لأننا لا نملك المعطيات والأدوات الحضارية التي تساعدنا على إستحصال شيء من حقوقنا .

 وما زالت المعركة تُخاض في ساحات غير الساحات التي ينبغي لها أن تُخاض فيها ,  وهذا ما أراده العدو لنا بحسب رأي بعض المراقبين الذين يؤكدون على أننا خضنا معاركنا بناء على ما رسم العدو لنا , متوهمين أننا قد أسقطنا مشاريع العدو .

 

إقرأ أيضا : لبنان يتجه نحو مصير مجهول بإرادة حاكميه

 

 

يظهر لنا عدوّاً ضاحكاً على هزالتنا الواقعية , وعلى إنتصاراتنا الوهمية , عدّو يتربع وسط دولٍ كبرى متهالكة , إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وتربوياً , ودينياً وفكرياً وعسكرياً .... من مصر أم العروبة مرورا بسوريا قلعة الصمود والعراق عرين العرب وصولا إلى إيران الإسلام , والمملكة العربية السعودية , دولٌ متهالكة متفسخة , تحيط بالعدو الصهيوني المتماسك الضاحك على ما آلتْ إليه مجتمعاتنا التي تتقاتل في ما بينها , كلٌّ يريد إثبات أحقيّة مذهبه , أليس هذا هو الواقع العربي والإسلامي ؟ 

أليس هذا ما وصلنا إليه من الإنحطاط  , بفعل ثقافة سياسية ودينية واقعية سائدة  نحن الذين صنعناها وشكلناها وفرضناها على أنها وسيلة الحل السحري ؟ وتبيّن أنها سبب لخلق العقد والمشاكل .

إذن ليس القضيةُ قضية قدرٍ آتية من عالم الغيب , بل هي بفعل أيدينا وأمام شهود عدول إن شاء الله , والله خير الشاهدين .