لا أعرف فعلاً ما أنجزه اللبنانيون كي يفيهم الزعيم حقهم من الثناء والتفخيم والتضخيم حتى أخذتهم حمية الخطبة الرنانة الى الظنّ بأنهم شعب الله المختار
 

لا أعرف قيادة ولا علم لي بقيادات أوفى منها لشعبها وأمدح منها وأطرب لجماهيرها الغفيرة والغفورة لقد تسنى لي مراجعة الثورة الفرنسية فلم أجد مدحاً للفرنسيين كما مُدح اللبنانيون ومراجعة الثورة البلشفية فلم أفلح أو أوفق بجملة طانبة وطاربة للروس من قبل لينين ومن ثم ستالين ومراجعة الثورة الصينية فلا تذكر تعاليم ماو ثناءًا فاضحاً لعري الصينيين وكذلك كيم إيل سونغ في كوريا بحيث لم أتعثر بجملة رثاء للأمّة الكورية حتى كوبا أبّان مقاومة غيفارا وكاسترو لم تمتدح عصب الشعب وهذا حال وديدن حبيب العرب والجماهير الغفيرة جمال عبد الناصر حيث لم نسمع في خطبه التاريخية نغمة ترقص على أنغامها شعوب ماجت من المحيط الى الخليج حبّاً لناصر.

وحده لبنان مختص برفع دور الجماهير حيث يتقن من يتقن لغة المدح والثناء لشعب يشرب ويأكل سموم أجساده ويستلذ بطعم ما شرب وما أكل من مواد سامة ومسرطنة وكانت وزارة الصحة قد رثت الصحة في لبنان بعد حملات طالت الشركات والمطاعم وتبيّن فساد كل المواد المستهلكة من الماء الى رغيف الخبز وتوقفت بفعل فاعل بعد أن تمّ ضرب مصالح لصوص وتجار يتاجرون بالمواد الفاسدة.

إقرأ أيضًا: المارد والقائد من بكركي إلى قصر بعبدا

لا أعرف فعلاً ما أنجزه اللبنانيون كي يفيهم الزعيم حقهم من الثناء والتفخيم والتضخيم حتى أخذتهم حمية الخطبة الرنانة الى الظنّ بأنهم شعب الله المختار وهم لم يسهموا في حضارة ولم يكن لهم اليد الطولى لا في الاهرامات ولا في العجائب المتزايدة في العالم ولا بلغوا مبلغ البحرين في العلم والثروة والحرية ولا أصبحوا على ما كانوا عليه يوم لا تمجيد لهم من قبل إقطاع صنع أفضل مما يصنع الحاليون وقد أجمع القاصي والداني على أن لبنان مرّ بفترة ذهبية قبيل الحرب والآن هو أقل من تنك بعد أن هبط اقتصادياً وسياسياً ومني بطبقة سياسية غريبة الأطوار والأمزجة ومضطربة ومتقلبة البال والأحوال تبعاً لفصول المصالح التي تُبدد الأجواء وتلبدها بحسب الحاجة الملحة لذلك.

إن وضع اللبنانيين مزرٍ الى حد تتفاقم فيه الأزمات وتتكدّس دون مسؤولية تُذكر في ظل تنامي محاصصة السلطة أي محاصصة المال العام بين المسؤولين والعجب أن رواتب نوّاب ووزراء الأمّة تكشف عن أزمة المسؤولية في بلد يحتاج الى خطّة طوارىء تبدأ بوضع حدّ للمسؤول لا للمواطن فتأخذ  منه ما أعطي من منافع وتفرض منطقاً إنقاذياً للبلاد والعباد بجعل أكثر المراكز في السلطة بدون رواتب وهي مجالات تطوعية وهذا ما يبدأ بالشبكات القيادية الأولى وبالمؤسستين التشريعية والتنفيذية لأن خدمة الدولة لا تكون ببدل مال في ظل كارثة اقتصادية وبهذا تكون السلطة مكاناً للعطاء لا مكاناً للأخذ وعندها يتم علاج مشكلات كثيرة ضربت أعاصيرها لبنان وأردته جثة حيّة تنتظر المساعدات العربية والدولية كيّ تنتعش وتتحرّك وتعود اليها عافية مؤقتة تنتهي وتنتفي بانتهاء وانتفاء وتبخر أموال المساعدات.

إقرأ أيضًا: ولدان وقنديلان وأقرع ومتقاعد استراتيجي

لقد تربت الجماهير على النفخ وشدّ حبال التعصب والعصبية لذا نراها مستمتعة بما يقال من هنا وهناك عن عظمة قائمة على فقر مدقع وعلى كهرباء ومياه مقطوعتين وفرص عمل ضائعة وخدمات ميتة في بنية تحتية معدومة وهذا ما كرّس فوضى مزدهرة لا يمكن وضع حد لها في ظل اعتكاف سياسي عن الدور المناط بالسلطة السياسية وفي ظل فساد اعترفت به أفرقاء الطبقة السياسية ولم يتجن أحد على فريق دون فريق فمسؤولية الفسادين المالي والسياسي عامة وليست محتكرة لفريق دون آخر.

كيف يكون الشعب العظيم عظيماُ وشريفاً وكبيراً وووووو وهو يشرب ما يشرب ونستحي من ذكر ما يشرب وما يأكل وهذا ما لم نقوله ولم ندّعيه بل إن العيّنات المخبرية هي التي قالت ذلك وقد فضح الوزير أبو فاعور أيّام كان وزيراً للصحة وكشف عن المستور وعن الساترين!