بالله عليكم لماذا نكتب، وعمن نكتب؟ عن القومي العربي المناضل، أم عن الإسلامي الجهادي الذي تاه في الطريق؟!
 

"كأن قدر العربي أن ينحر نفسه، أن يقتل نفسه بنفسه، أن يوفر على الغريب مشقة اغتياله، أن يكتب بنفسه استمارة موته ويوقع على عقد دفنه وهو يضحك كالمعتوه، كأن قدره أن يكون أحمق".. (صدى الأنين، بيروت دار الساقي 2005)..                                              

تجول الأفكار في ذهني كما الكثيرين في عالمنا العربي والإسلامي، وأمواج الأفكار والأحداث التي جرت وتجري في بلداننا من قمع وقتل وفقر ومرض وخوف وتخوين واعتقال وتعذيب، وتهجير وتفجير هنا واغتيال هناك، بالإضافة إلى سياسة الشقاق والنفاق التي تعبث بالعباد والبلاد منذ أعوام وسنين ولا يهتز أو تتحرك شعرة واحدة، ولا يأبه بذلك من هو في سدرة السلطة، ولا يحترم من ينادي بحقه في هذه الحياة من أدنى مكونات وضرورات العيش لأن القضية هي أكبر، فأمام كل هذه المصائب والبلايا والخفايا، للأسف فيبدأ المثقف والعالم والفقيه وكل متعلم بتحليل هذه الأسباب ـ بالأعم الغالب ـ وكيفية المواجهة، فنرى البعض يعزو ذلك إلى غياب العدالة الإجتماعية وغياب المراقبة والحرية والديمقراطية، والبعض الآخر يحلل بأن المشكلة الأساس هي حل القضية "الأم" هي فلسطين.. 

إقرأ أيضًا: عثمانية شيعية جديدة!

بالله عليكم لماذا نكتب، وعمن نكتب؟ عن القومي العربي المناضل، أم عن الإسلامي الجهادي الذي تاه في الطريق، فبدلاً من أن يقتل برصاصه ذاك المحتل الفاشي، حوّل رصاصه إلى قتل أخيه، أو ذاك العربي المناضل الذي أراد أن يمشي إلى القدس فوجد نفسه في بلاد أخرى، يا وجع الفلسطيني ويا وجع فقراء العرب والمسلمين ويا للحلم أرادك الفلسطيني دولة فبعثرك أشلاء، ويا للحلم أرادك العربي أن يعيش بحريته فتحولت إلى سجون، ويا للحلم أرادك المسلم عزة فتحولت إلى فقر.. ناشدتكم بالله هل دليتمونا على ماذا نكتب بعد، هل عند أحدكم من جواب..؟ عن أنفسنا التي تحولت إلى مرض ولا تدري ماذا يفعل بها.؟ عن حلمنا وحلم أطفالنا الذي ما زلنا نحلم به فرأيناه يولد منحوراً ثم وارينا عليه التراب ونحن نذرف الدمع بخجل..؟ كيف نكتب..؟ وكيف يمكن لنا بحلم وكيف لنا أن نشتهي الحياة وهي بلا ضياء ولا نور ولا مياه إلا السموم والظلمة..؟ عمن نكتب لقد تعبنا وهم لم يتعبوا، ويئسنا وهم لم ييأسوا، واختفت البسمة عن وجوه الأطفال، وعصي الدمع في عيون الثكلى، وما زال أهل السياسة في عالمنا يتناطحون ويتقاذفون مصيرنا ومصير أمتنا، وأهلها في عراك ولا منفذ منه يتسرب ولا بصيص نور وأمل يبعث على الأمل في ذلك النفق المظلم السوداوي. 

ونحن نقف واجمين نرقب بصمت ونأكل أصابعنا مع شفاهنا ونحن نرتجف واقفين، ثم نبتلع ألسنتنا مع مضغها السائغ حتى نسكت ولا ننطق، لقد جفت الأقلام عمن نكتب بعد ولماذا؟ أجيبونا وأفيدونا ولا تشهقوا بالدموع، فأصبحت مداد الحبر دماء، لأن دم العربي رخيص في أوطاننا...