ما سرّ هذا التّعطيل المتمادي من قبل باسيل؟
 

أولاً: الوزير مُتعدّد المواهب وسيّد التّعطيل...

 

لا يكتفي وزير الخارجية بتعقيد الوضع الحكومي وتعطيل البلد، لا بل يزيدهم تشريحاً وتنظيراً يُقارب الهذيان، بالأمس خرج في مؤتمرٍ صحافي، عجز معظم مُتابعيه أن يربطوا معانيه ويفهموا مقاصده، تتوالى العبارات والألفاظ دون أي رابط لُغوي او مفهومي أو منطقي، ممّا يُذكّر بأسلوب الفنان الكوميدي الراحل يونس شلبي، فالوزير باسيل، يستعرض مواهبه المتعددة أمام وسائل الإعلام كعالمٍ مُتبحّر لا تفوتهُ شاردة أو واردة، فهو بالإضافة لإتقانه فنون الألاعيب السياسية (معتمداً على موقع رئيس الجمهورية ومكانته عنده)، بات ضليعاً بعددٍ من فروع العلوم الإنسانية كعلم النّفس والانتروبولوجيا وشذراتٍ فلسفية! فضلاً عن ادعائه فيضاً من الحكمة وقدرة مُستجدّة على إعطاء المواعظ، والاستعلاء على المواطنين بحسّه الوطني العالي وتفانيه في خدمتهم، مع نظافة الكفّ، في حين يعجُّ البلد بالفاسدين على حسب قوله، وهو لذلك يعجب من الحملة المركّزة عليه وعلى تيّاره لوصمهما بالفساد، إلاّ أنّ العارفين بالقراءة بين سطور الشعوذات السياسية والألاعيب الصبيانية تمكّنوا من استنتاجٍ وحيد من هذا المؤتمر الصحافي بأن لا حكومة ولا من يحزنون، فشهيّة الوزير باسيل للاستئثار بالمناصب الحكومية ما زالت محمومة، ومع ذلك، فإنّ البعض يذهب للتّساؤل بحدّة وريبة: ما سرّ هذا التّعطيل المتمادي من قبل باسيل؟ في حين كان من المفترض أن يكون في طليعة مُسهّلي شؤون العهد، وعليه، هل ثمّة مصلحة ما للفريق المتحكّم في مفاصل البلد هي التي تقود  باسيل وُجهة خطرة عنوانها: التّعطيل وتأجيل قيام الحكومة وقيامة البلد؟

اقرا ايضا : الحريري في صار الوقت..كلامٌ لا يُشفي غليلاً ولا يُفُكُّ مغيصاً.

 

ثانياً: الوضع برُمّته بحاجة لعلاجٍ طارئ..

 

بات الوضع اللبناني بحاجة ماسّة لعلاجٍ عاجل، قبل أن يصبح مستعصياً، فالبلد أشبه ب"الحمّام المقطوعة مياهُه" على حدّ تعبير العامّة، والأوضاع العامة باتت من السّوء والتّردّي بما لا يُحتمل، ومع ذلك، فدفّة السّفينة يقودها فردٌ حملته ظروف لا يعلم سوى علّام الغيوب كيف تضافرت في جعله قائداً، وهو يقود السفينة نحو هلاكٍ محتوم، حتى أضحت الأزمة الحكومية مُتفرّعٌ بسيط من أزمة مُستفحلة، والمؤتمن على الدستور والمؤسسات والقوانين يبدو غير مُدركٍ للمخاطر التي تعصف بوطنه وعهده وسمعته التاريخية، وهو إذ لا يُبادر لانقاذ الوضع قبل أن يسبق السيف العذل، وهو الوحيد القادر على ذلك للأسف، والخشيةُ كلّ الخشية أن يلجأ اللبنانيون إلى معالجات حرجة من "تحت" بعد فقدان الأمل بمعالجاتٍ ناجعة من "فوق".

قال الجارود بن أبي سبُرة: سوء الخُلُق يُفسدُ العمل كما يُفسدُ الخلّ العسل.