لقد بات الجميع يعرف تفاصيل التعقيدات الخارجية، وأن الاطراف السياسية ما زالت تراهن على المحاور الاقليمية، وكل طرف ينتظر فوز محوره ليفرض شروطه داخليًا
 

لا تخفي المصادر المختلفة أنه لا حلول للأزمة السياسية اللبنانية في المدى المنظور، فضلًا عن الازمة الاقتصادية التي باتت الشغل الشاغل لكل المواطنين، والهاجس الذي تتفرع عنه كل الازمات التي تهدد أصل الكيان اللبناني إلا إذا طرأ ما يقلب المعطيات المتحكمة بالمشهد الإقليمي، حتى الزيارات الخارجية التي قصدت لبنان على مدار عامين في محاولة لحل الأزمة، واستمعت إلى ما لدى المسؤولين والقادة السياسيين من أفكار ومخارج للأزمة الحالية، أكدوا بأنهم لم يسمعوا أجوبة مقنعة حول سؤالهم عن أسباب التعطيل والشلل وخلفيات النزاع السياسي الذي تسبب بالفراغ الحكومي منذ أكثر من ستة شهور ونيّف.

واذا كانت الازمة مرتبطة بجلاء المشهد الاقليمي، فهذا يعني أنها ستطول الى أمد طويل وإن رُقّعت مؤقتا كما يتوقع البعض ممن له علاقة مباشرة بالمشهد الاقليمي المتناحر وخاصة بين إيران والولايات المتحدة الاميركية، مع محاولات الاطراف المرتبطة بالخارج الحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار الأمني والسياسي قدر المستطاع كي لا ينزلق لبنان الى مرحلة يصعب معها انتشاله، على ذلك سيبقى المشهد دائرًا بفلك التوازنات الاقليمية القائم حتى جلاء المشهد.

وهذا ما يفسر تصلّب القوى السياسية اللبنانية، وتمسكهم وتمترسهم خلف مطالب وحصص وأحجام، وتارة أخرى خلف ستارٍ من الشعارات، والحقيقة هي أن الجميع ينتظر الى ما ستؤول اليه المسارات الاقليمية والدولية وما ستخلفه من نتائج سياسية تتفرّع عن النتائج العسكرية والاقتصادية.

إقرأ أيضًا: إنه الوهم القاتل

هذا يعني أن العقد والتوترات المانعة من تشكيل الحكومة ليست داخلية، ويؤكد ذلك أن بعض الاطراف الرئيسية تستعجل التشكيل وإن كانت مرتبطة بالخارج مثل حزب الله وبعض حلفائه، إذ أن ثمة مخاوف سياسية من تأجيل التشكيل قد يؤثر على حجم تمثيل هذا الطرف أو عدم المشاركة أصلًا لو أن الامور أتجهت إقليميا لغير صالحه.

هذا المشهد السياسي المتوتر بين شدٍّ من جهة وبين تعطيل من جهة أخرى، قد لا يضمن أحد نتائجه السلبية التي بدأت تتمظهر بشكل أزمات إجتماعية وإقتصادية خانقة، مما قد تزيد من تعقيدات داخلية بالاضافة الى التعقيدات الخارجية المفروضة على كل الأطراف الداخلية.

لقد بات الجميع يعرف تفاصيل التعقيدات الخارجية، وأن الاطراف السياسية ما زالت تراهن على المحاور الاقليمية، وكل طرف ينتظر فوز محوره ليفرض شروطه داخليًا، وهذا يعني أن الكل مشارك بالتعطيل وإن بدرجات متفاوتة، ويتحمل الكل مسؤولية الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تضع لبنان اللبنانيين أمام مصير مجهول.