لم يكد الرئيس سعد الحريري ينتهي من مقابلته التلفزيونية حتى استعاد الخلاف «القواتي» ـ «العوني» زخمَه المعتاد، معيداً مساعي التأليف الى المربّع ما قبل الأوّل.
 

استعادت «القوات اللبنانية» مشهدَ ما بعد زيارة الدكتور سمير جعجع الى بعبدا، في مؤتمر الوزير جبران باسيل، فاستحضرت ما حصل يومها. تقول مصادر «القوات»: «ما كاد جعجع يخرج من لقاء الرئيس ميشال عون حتى طلب من الوزير ملحم رياشي الاتصال بباسيل (خلافاً لما رفضه النائب وليد جنبلاط) كما تمنّى الرئيس عون، وحصل اللقاء لكنّ باسيل ردّ في اليوم التالي بالإطاحة بالخطوة، لا بل ذهب الى حدّ الاستهزاء بـ«اتفاق معراب»، ما حدا بـ»القوات» الى نشر محضر الاتفاق، أما اليوم فتتكرّر جهود باسيل في إحباط أيّ فرصة تلوح لتشكيل الحكومة، فبعد الكلام الايجابي للرئيس سعد الحريري خرج باسيل في مؤتمره الصحافي لينسفَ هذه الفرصة، وليعيدَ الامور الى الصفر».

وتضيف مصادر «القوات»: «لا ندري إذا كان باسيل يقصد فقط الإساءة للرئيس الحريري أم هو مستمرّ في العمل على اجندة إخراج «القوات» من الحكومة، فسلوكه يشير الى رهانه على أوراق مطوية، كما انه يذهب في اعتماد اسلوب الخروج على الأعراف، فتحديد المعايير والحقائب هو شأن الرئيس المكلّف بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، وليس شأنه أن يملي على الحريري كيف تشكل الحكومة».

وتكشفت المصادر نفسها «انّ «القوات» لم تصلها أيُّ صيغة رسمية للحكومة حتى ترفض أو تقبل، ولم يزر أيُّ موفد لعون معراب، كما أنّ الحريري الذي فاتحناه في شأن الصيغة التي تمّ تداولُها في الإعلام، نفى أن يكون على علم بها، ولذا بات واضحاً أنّ هذه الصيَغ تُسرَّب في وسائل الإعلام على طريقة الصيغ اللقيطة، التي لا أب لها ولا أُم، حتى اذا ما أعطت «القوات» رأيها، يتمّ التراجع عنها، واستثمار هذا الرأي سلباً، ولهذا فإنّ «القوات» لن تعطي جواباً على أيِّ صيغة إلّا إذا صدرت عن الرئيس سعد الحريري حصراً في اعتباره الرئيس المكلّف الذي يعدّ التشكيلة الحكومية».

بدورها اوساط «التيار الوطني الحر» علّقت على موقف «القوات» بالتأكيد انه «يعكس مأزقاً ناتجاً عن التصلب والتعطيل»، وكشفت «أنّ تفاهماً بالحدّ المقبول لإنتاج حكومة حصل بين عون والحريري، وهذا التفاهم مرشّح لأن يؤدّي الى تظهير الموقف الحقيقي وخفض السقوف في الايام المقبلة». ورجّحت هذه الاوساط «أن يكون الحريري متّجهاً الى حفظ ماء وجه «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي في التشكيلة التي ربما يعرضها قريباً على رئيس الجمهورية، لكنّ ذلك لا يمكن أن يكون مقبولاً اذا تخطّى معايير التشكيل، لأنّ الحريري يعرف أنّ مصلحته السياسية تكمن في استمرار التعاون مع رئيس الجمهورية، ومع «التيار الوطني الحر»، قبل تشكيل الحكومة وبعدها، كما أنه يحاذر إعطاء كل من جنبلاط وجعجع سقفاً عالياً من المطالب، كونه يعرف أنهما مكلّفان سعودياً «مراقبته» داخل الحكومة، وتضييق هامش مناوراته».

وتجمع أوساط سياسية متابِعة لملف التأليف على «أنّ ما يجري وما سيحصل خلال الايام المقبلة هو كناية عن عضّ أصابع اللحظة الاخيرة قبل أن يقدّم الحريري الى عون تشكيلة معدّلة (جزئياً)، وفي هذا السياق يأتي المؤتمر الصحافي لباسيل والرد «القواتي» المفصّل، وكلاهما يدل على أنّ العقدة المتبقية هي العقدة المسيحية التي تشهد عضّ الأصابع الأخير، ففي حين تبدي «القوات اللبنانية» ثقتها بالتزام الحريري مطالبها، يذهب عون الى حضّ الرئيس المكلّف على تقديم تشكيلة حكومية، وفق معادلة الامر الواقع، وليخرج مَن يخرج وليبقَ مَن يبقى، والمقصود بهذا الكلام حصراً «القوات اللبنانية».