ما أقدم عليه حزب الله هو خطوة ممتازة وتدل على نضج كبير
 

بعيداً عن ما تؤكده مصادر مقربة من حزب الله، والتي تؤكد أن خطوة وزير الخارجية بزيارته مع عدد كبير من السفراء المعتمدين بلبنان، للأماكن التي ذكرها رئيس وزراء العدو مدّعياً وجود معمل صواريخ فيها، وأنها (الزيارة) جاءت بناءاً لطلب مباشر من السيد حسن نصرالله عبر الحج وفيق صفا، بعيداً عن هذه المعلومة وعلى إفتراض أن ما قاله باسيل صحيحاً وأن الخطوة كانت بقرار منه بدون الرجوع لقيادة الحزب إلا أن المقدار المتيقن هو أن حزب الله قد سمح بها وشجعها وأشاد بها أي إشادة.

ونحن بدورنا هنا نجد لا بد من الإشادة بموقف حزب الله العقلاني والرزين، بحيث نعتبر فيه نوع من أنواع التحول في مقاربته لأشكال الصراع مع العدو الإسرائيلي، والإعتراف الضمني بأن السلاح والصواريخ والقوة ليست وحدها التي يجب أن تتوفر في الميدان وليس بالصريخ والخطابات الشعاراتية فقط نحمي لبنان.

فلو عدنا بالزمن سنوات قليلة الى الخلف، ما كنت أعتقد بأن ردة فعل حزب الله ستكون على الشكل التي كانت عليه الآن، وكان الرد سيكون خطاب ناري من الأمين العام السيد حسن نصرالله يتناول فيه التهديدات الإسرائيلية، متحدياً عنجهية العدو باعتبار أن الحزب غير معني بنفي أو تأكيد أماكن تواجد سلاح المقاومة، وأن هذا السلاح يحظى بتغطية رسمية عبر البيان الوزاري وأن أي إعتداء على مطار رفيق الحريري الدولي سيرد عليه بقصف مطار بن غوريون وما إلى هنالك من مفردات شعاراتية لا تمت إلى الحنكة الواقعية بصلة.

طبعاً سيحاول بعض المرضى اللعب على أوتار هذه الخطوة باعتبارها مؤشر ضعف عند حزب الله، وأن الظروف والمتغيرات بالمنطقة والعالم هي التي فرضت على الحزب هذا التحول لأن موازين القوة لغير مصلحته، وأنه يحاول جاهداً تجنّب أي مواجهة مباشرة مع العدو في ظل إدارة أميركية مجنونة وأزمة مالية حادة يمر بها الحزب وما إلى هنالك من سيمفونية يمكن أن يعزفها كل من يريد أن يسجل أهداف سياسية صغيرة ولو على حساب أمن البلد واستقاره وتجنيبه ويلات الحرب.

أما نحن، فسنعتبر أن ما أقدم عليه الحزب هو خطوة ممتازة وتدل على نضج كبير، ساهمت هذه الخطوة إلى الآن في إحراج العدو وإفشال مخططاته العدوانية على أمل إستكمالها بخطوات لاحقة لتعزيز الوحدة الوطنية باعتبارها كما قال الإمام موسى الصدر أنها أفضل أوجه المقاومة، وهذا ما أشار إليه الرئيس نبيه بري من خلال الإسراع بتشكيل الحكومة الوطنية الجامعة، وهذا لا يكون إلا من خلال الطلب أيضاً من حليف الحزب جبران باسيل عدم عرقلة التشكيل بمطالب نرجسية إستئثارية، وعليه فلا يسعنا في هذا المجال إلا أن نقول لحزب الله: برافووو.