بينما كان الرئيس هاشم تاشي يغوص في جولة مفاوضات في بروكسيل في الإتحاد الأوروبي مع نظيره الصربي ألكسندر فوتشيك، يتواصل رئيس الوزراء الكوسوفي، راموش هاراديناي، من مكتبه، مع رئيسه للإطلاع على مناخ المفاوضات، سيما وأن ​كوسوفو​ تتطلّع بشكل جدي الى تسوية للنزاع مع ​صربيا​، لأن هذا الموضوع من شأنه أن يعزز عملية السلام والإستقرار في منطقة البلقان. ولم يخفِ هاراديناي تشاؤمه حيال نتائج المفاوضات، اذا أنه يرى أن بلغراد أصبحت متشددة أكثر حيال الإعتراف كوسوفو.
 
استهل رئيس الوزارء الكوسوفي حديثه بملخص عن جو البلقان، الذي يحتضن ملايين المسلمين، منوّها بالهدوء والطمأنينة، بعكس حياة المسلمين الذين يعيشون في الشرق الأوسط.
 
وعلى الرغم من كل التحديات التي تواجه دولته الحديثة، يقول راموش هاراديناي لـ"النشرة" أن كوسوفو دولة نهائية، لا عودة الى الوراء. وعلى المجتمع الدولي أن يعترف بوجودها، عاجلاً ام آجلاً. عقدان من الزمن قد مرّا على الحرب بين كوسوفو وصربيا، نحن نأمل ان نطوي هذه الصفحة، وأن تعترف صربيا بجمهورية كوسوفو، لأن هذا الأمر يؤمن الراحة لبلدينا...
 
الدستور الحديث
 
 
يتحدث رئيس الوزراء الشاب، راموش هاراديناي (٥٠ عاماً) عن نشأة بلاده الفتيّة كجمهورية حديثة الإستقلال. قائلاً ان ألبان كوسوفو ليسوا هنا صدفة. نحن نسكن هذه البلاد منذ أكثر من ألفي عام، حتى قبل ولادة السيد المسيح والنبي محمد. نحن عشنا كمسيحيين لمئات السنين، واعتنقنا الإسلام فترة الحكم العثماني وبقينا في هذه الأرض .ورداً على سؤال حول دور الطوائف المسيحية في تركيبة الحكم في بلاد ٩٥ بالمئة منها مسلمون، يقول هاراديناي أنه ألباني مسيحي، وان تركيبة الدولة لا تتوقف عند حدود الطائفة. كما أن توجه مؤسسات الدولة في كوسوفو هو علماني. انها استراتيجية وخيار تنتهجها كوسوفو ويطبقها الشعب الراغب بالإنضمام الى الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ذوو الجذور المسيحيّة، فيضع مسألة الدين جانباً فاسحاً المجال للدولة لتبني نفسها على أسس علميّة متجانسة مع نفسها ومع المجتمع الأوروبي المنفتح. وقد تكون تجربة ​تركيا​ وعملية تجميد المحادثات بشأن انضمامها الى الإتحاد الأوروبي خير برهان، فإن عدم نجاح هذه الخطوة بنظره يعود الى عدم التناغم بين السلطة والشعب الذي يعدّ حوالي ٨٠ مليون مسلم. ولما كانت جمهورية كوسوفو حديثة النشأة، فهي تتمتع بدستور عصري يضاهي دساتير الدول التي تعمل على تحديث ما لديها كي يتماشى مع طموحات وتطلعات شعوبها.
 
عضوية ​الأمم المتحدة​
قطعت كوسوفو 80 في المئة من الطريق للإنضمام الى عضوية الأمم المتحدة. اعترفت بها 115 دولة، لكن عضويتها تمّ حظرها في ​مجلس الأمن​ من قِبَل أصدقاء صربيا، وهما روسيا والصين. وتأمل ألبانيا والبوسنة وكوسوفو ومقدونيا ومونتي نيغرو الانضمام الى الإتحاد الأوروبي. ويعلّق رئيس الوزراء راموش هاراديناي حول هذا الموضوع متابعًا، ان محادثات تدور اليوم بين صربيا ومونتي نيغرو والإتحاد الأوروبي، فإذا أرادت صربيا الإنضمام، عليها التوصّل الى تسوية للنزاع مع كوسوفو قبل عام ٢٠٢٥ .
 
ورداً على سؤال حول جديّة المفاوضات بين كوسوفو وصربيا مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيك، يقول هاراديناي لا أريد أن أعلّق على أدائه، يجب أن تعي صربيا حقيقة واحدة، وهي ان كوسوفو موجودة في حدودها وشعبها. عليها ألاّ تضيّع الوقت وأن تُبقي الحوار مفتوحاً. كوسوفو مستعدة للسلام النهائي. لن نعود الى الوراء. لكننا لن ننسى ما حصل. من الضروري التذكير بفترة حكم ميلوسوفيتش نحن فقدنا آلاف الضحايا خلال ٢٠٠ مجزرة حصلت في بلادنا. انهار اقتصادنا. ولكننا اليوم نتطلع فقط الى إتمام نجاح مسيرة بناء الدولة القوية...
 
في الوقت الذي يضغط فيه الإتحاد الأوروبي على صربيا للإعتراف باستقلال كوسوفو، فإنها تضغط بنفس المقدار على الأخيرة كي تعالج مسألة الفساد والبطالة اللذان يهددان كيان الدولة .
 
ورداً على سؤال لـ"النشرة" عن الإجحاف والشعور بالحرمان الذي يُبديانه الصربيّون المسيحيّون الذي يعيشون في كوسوفو لناحية عدم إعطائهم وظائف مهمّة في الدولة على حساب توظيف ألبان كوسوفو، قال رئيس الوزراء هاراديناي: لا تقدر أي دولة في العالم أن ترضي كل مواطنيها بإعطائهم وظائف رسميّة عالية. في كوسوفو لا تتعاطى الدولة في توزيع الوظائف بحسب الطوائف بل بحسب الكفاءة. انا مسيحي مثلاً وانا رئيس الوزراء. وهذا أكبر دليل على أن كوسوفو دولة عادلة لا تميّز بين الطوائف والعِرق .
 
كوسوفو والدول العربية
 
مع إعلان كوسوفو استقلالها عم ٢٠٠٨، كانت الإمارت أول دولة عربية تعترف بها لتفتح الطريق بذلك أمام اعترافات حوالي نصف الدول العربية، أبرزها السعودية مصر الكويت وقطر...
 
وتردف "النشرة" ممازحة، هل ترغب كوسوفو بأن تعترف بها كل الدول العربية طالما اعترفت بها ​دول مجلس التعاون​ الخليجي التي هي دول نفطية وتشكّل ثقلاً اقتصادياً في المنطقة... ردّ هاراديناي، نحن نكنّ كل الإحترام الى كافة الدول، نفطيّة كانت أم متوسطة الحجم من الناحية الإقتصادية. نحن نتطلع الى عملية بناء سلام مع كل دول العالم. نتمنى أن يعترف بنا ​لبنان​ وكافة الدول العربيّة في الشرق الأوسط ونقيم أفضل العلاقات معهم .نحن جمهورية حديثة، لا ندّعي اننا دولة مثالية، أنجزنا الأمور الأساسية لكن ينقصنا الكثير من الإصلاحات والتغييرات. ولن نهدأ قبل أن نحقق أهدافنا ونبني دولة نعتز بها أمام كل دول العالم.