تستمر أزمة التمديد لمفتي طرابلس المنتهية ولايته الشيخ مالك الشعار، في ظل جهود مضنية يبذلها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في إقناع المعترضين على هذا التمديد من أعضاء المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى بعدم اللجوء الى تقديم طعن الى مجلس شورى الدولة، حرصا على هيبة المؤسسة الدينية الأم، علما أن الطعن بات جاهزا من الناحيتين التقنية والقانونية.

تشير المعلومات الى أن المفتي دريان حاول إستيعاب ثورة أعضاء المجلس الشرعي  المعترضين على التمديد في اللقاء الذي عقده معهم بحضور أعضاء من بيروت ومناطق أخرى يساندون زملاءهم في إعتراضهم، لكنه لم ينجح في التخفيف منها، خصوصا أن بعض الأعضاء رفعوا السقف بطرح تقديم إستقالة جماعية من المجلس إحتجاجا على هذا التمديد، وطلبوا من المفتي دريان التراجع عن قراره وتحديد موعد لانتخاب مفت جديد لطرابلس، لكن دريان بحسب المعلومات وضع الأمر في عهدة رؤساء الحكومات، لافتا الى أنهم في حال وافقوا على ذلك فإنه مستعد للتراجع عن قراره والدعوة الى الانتخابات.

وتضيف المعلومات: إن الأعضاء المعترضين يستعدون للقيام بزيارات الى رؤساء الحكومات لشرح وجهة نظرهم والتأكيد على رفض التمديد للشعار خصوصا بعدما ساهم ذلك في إهتزاز صورة المؤسسة الدينية، كما من المفترض أن تشمل هذه الزيارات بعض القيادات السياسية المعنية بقرار المفتي دريان، في حين تشير معلومات أخرى الى أن الرئيس فؤاد السنيورة يحاول تدوير بعض الزوايا ومساعدة دريان في تخطي هذه الأزمة التي تعصف بدار الفتوى.

يمكن القول أن أخطر ما يواجهه المفتي دريان ومعه المفتي الشعار اليوم، هو محاولة البعض تسييس هذه القضية وإدخالها في موازين الربح والخسارة، خصوصا أن من شأن ذلك أن يترك تداعيات كارثية على دار الفتوى، ويضاعف من الاساءة الى مفتي طرابلس شخصا ومقاما، حيث يعلم الجميع أن الاعتراضات التي واجهت التمديد لم تكن شخصية ولم تكن سياسية، بل كانت قانونية بحتة، علما  أن المعترضين لا يملكون القرار الذي يعود فقط الى مفتي الجمهورية الذي أراد تلبية رغبة رأس السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن التمديد لم يكن خاضعا للتنافس السياسي، وإن الاعتراض كان مجرد رأي أمام سلطة ساهمت في إضعاف المؤسسة الدينية.

ولا شك في أن إظهار التمديد للشعار على أنه مكسب سياسي لجهة دون أخرى، هو تأكيد بأن ثمة تدخلات سياسية في قرارات المفتي دريان، وأن ثمة فاتورة سياسية دُفعت للمفتي الشعار مكافأة له على ولائه وإلتزامة السياسيين، وهذا أمر يسيء أكثر فأكثر الى المؤسسة الدينية والى مفتي طرابلس.

أمام هذا الواقع يشير مطلعون الى أن ما حصل كان بين من يريد الحفاظ على القوانين وإحترام المهل، وحماية دار الفتوى ومقام الافتاء من أية تجاذبات مهما كان نوعها، وبين من يحلو له دائما أن يضرب القوانين عرض الحائط، وبالتالي فإن على من ضغط وسوّق وقرر أن يتحمل مسؤولية التداعيات التي نتجت عن التمديد والتي من المنتظر أن تتفاعل أكثر مع إصرار المعترضين من أعضاء المجلس الشرعي على موقفهم في تقديم الطعن، وهم يتريثون إحتراما للمفتي دريان ونزولا عند تمنيانه بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات والمشاورات الجديدة، لكن في كل الأحول هناك من الأعضاء من يفصل بين إحترام مقام المفتي وبين إصراره على تطبيق القوانين التي يعتبر مجلس شورى الدولة مرجعها الصالح.