حارَ تمثال رياض الصلح الى من يلتفت، فعن يمينه وقف أهالي المخطوفين يحملون صور أبنائهم بالأسود والأبيض، وعن يساره اصطفّ الأساتذة الناجحون في امتحان التعليم الثانوي مؤكدين أنهم «حاجة للقطاع التربوي وليس فائضاً». وخلف التمثال، إعتصم الأساتذة المتفرغون في الجامعة اللبنانية للمطالبة بتعديل احتساب راتبهم التقاعدي ومنحهم 3 درجات.
 

يوم حافل بالتحركات المطلبية شهدته ساحة رياض الصلح لليوم الثاني على التوالي بالتزامن مع انعقاد الجلسة التشريعية. تعددت المطالب، تنوعت الشعارات، تداخلت المناشدات، أمّا غاية المتظاهرين فكانت واحدة: «إرفعوا الظلم عنّا».

أساتذة «اللبنانية»

رغم الايام المعدودة المتبقية من عمر الولاية الحالية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، أبَت الرابطة إلّا أن تستثمر اللحظة الاخيرة لمناشدة السياسين بالإفراج عن مشاريع القوانين الخاصة بإنصاف الاساتذة.

منذ التاسعة صباحاً بدأ الاساتذة بالتوافد إلى ساحة رياض الصلح، من دون شعار ولا رفع أي يافطة، على حد تعبير أستاذة من المعتصمين: «إذا بعد كل المناشدات والإضرابات التي قمنا فيها العام السابق، والجولات على الكتل النيابية، والطبقة السياسية لا تعلم مطالبنا حتى الآن، «إيه نيّال الوطن بهَيك طبقة حاكمة». 

وحده رئيس الرابطة الدكتور محمد صميلي وصل متأبطاً ظرفاً كبيراً، وفيه البيان الذي سيُلقيه باسم المعتصمين، وأعرب لـ«الجمهورية» عن أسفه «من المماطلة التي تبديها الدولة تجاه الجامعة اللبنانية التي هي حاضنة غالبية أبناء الوطن».

وأوضح: «تمّ استثناء أساتذة اللبنانية من أحكام قانون سلسلة الرتب والرواتب الأخير (46/2017) ومفاعليه، لذا تحركنا وعلّقنا الدروس العام المنصرم، على أثر التصعيد تلقينا وعوداً من مراجع مسؤولة عدة بتصحيح رواتبنا، ولم نعلّق الإضراب إلّا بعد توقيع معظم الكتل النيابية الأساسية في المجلس النيابي السابق على اقتراح قانون معجّل مكرر يقضي بإعطاء 3 درجات استثنائية لأساتذة الجامعة اللبنانية. لذا، نطالب الكتل النيابية التي أعيد انتخابها بأن تَفي بوعودها، وأن تقرّ اقتراح القانون الذي وقّعته».

5 سنوات إضافية

أما السبب الآخر الذي دفعهم إلى تعليق الدروس والنزول إلى ساحة النضال، فيوضحه في حديث لـ«الجمهورية»، أمين سر الهيئة التنفيذية وعضو مجلس الجامعة الدكتور إيلي الحاج موسى: «تصحيح الراتب التقاعدي لأساتذة اللبنانية، وهو طلب «قديم جديد»، عمره نحو 10 سنوات، نشأ نتيجة تدنّي عدد سنوات الخدمة. لذا، تمّ إعداد مشروع قانون لاحتساب المعاش التقاعدي يقضي بإعطاء 5 سنوات إضافية لأساتذة «اللبنانية» عند تقاعدهم وفقاً لنظام التقاعد العام، بعدما رُفضت فكرة تمديد العمر التقاعدي للأستاذ».

وتابع الحاج موسى: «تمَّ إقراره من قِبل حكومة الرئيس سعد الحريري وأُحيل بالمرسوم رقم 5120 تاريخ 1 تشرين الأول 2010 إلى المجلس النيابي، وأحيل الى لجنتي التربية والمال والموازنة النيابيتين وتمَّ إقراره معدلاً. كما أُدرج على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب ولم يقرّ في حينه».

وتابع: «واليوم لا يكفي أن يُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس النواب لنستبشر خيراً إنما لا بد من العمل لإقراره نظراً للتضحيات التي يقدمها أساتذة الجامعة اللبنانية، والظلم الذي يلحق بهم نتيجة نظام التقاعد المعمول به حالياً». وأردف قائلاً: «آن الأوان لوضع حد للظلم اللاحق بالاساتذة والغبن الذي يعتصرهم نتيجة استثنائهم من السلسلة، وعدم منحهم الدرجات التي تُرمم رواتبهم ولو مرحلياً». 

فائض الناجحين 

إستمر المعتصون بالتوافد إلى ساحة رياض الصلح بالتزامن مع تعزيزات أمنية وتمركز إطفائية للدفاع المدني على مقربة من السراي الحكومي. «أقرّوا قانون الفائض 2008-2016»، «نعم لإقرار قانون فائض أولاً»، وغيرها من الشعارات رفعها الاساتذة الذين لبّوا دعوة اللجنة المركزية لمتابعة شؤون فائض الاساتذة الناجحين في التعليم الثانوي للمطالبة بإقرار قانون الفائض 2000 / 2016.

في هذا السياق، أعرب جهاد اسماعيل عن معاناة الأساتذة قائلاً: «مضى عامان على استخدام رئيس الجمهورية صلاحية رد القانون الرامي الى تثبيت الناجحين في التعليم الثانوي على اساس الحاجة، والذي كان قد أقرّه المجلس النيابي، وما تلاه من حراك ونضال يومي على مستوى المتابعة مع كل القوى السياسية والمكاتب التربوية من أجل التصويت عليه كما هو».

وناشد المجلس النيابي، باسم المعتصمين، «مناقشة القانون والتصويت عليه، من دون أن يطاله أي نوع من التأجيل والعرقلة، لأنه بات يشكل قضية وطنية محقة، وحاجة ضرورية للقطاع التربوي».

أهالي المخطوفين

في موازاة تحرك الأساتذة، وقف أهالي المخطوفين والمفقودين يلوّحون بصور أبنائهم على وقع أغنية جوليا بطرس «شوفي يا هالحرية دموع الفرح المنسية...»، مطالبين بإقرار اقتراح قانون المفقودين والمخفيّين قسراً.

في هذا السياق، توجهت رئيسة لجنة المخطوفين وداد حلواني وبول اشقر الى مجلس النواب للمشاركة في الجلسة. ولفتت حلواني إلى أنّ هدف حضور الجلسة هو «الاطلاع على مسارها والتمهيد لحضور الجلسة التي نأمل بأن يقرّ فيها القانون المنتظر».

وأشارت الى «أنّ الحل العادل الأدنى لقضية المفقودين هو بجمع وحفظ العيّنات البيولوجية من الاهالي، لزوم إجراء فحص الحمض النووي للتعرف الى هويات الأحبّاء أحياء كانوا أم أمواتاً، وإنشاء هيئة وطنية مستقلّة مهمتها الكشف عن مصير المفقودين، وفق اقتراح قانون موجود في مجلس النواب ومُصادق عليه من قبل لجنتين نيابتين».