في ساحة النجمة، ومن تحت قبّة البرلمان، هدّد الرئيس المكلّف سعد الحريري بمغادرة جلسة تشريع الضرورة المنعقدة، بحسب رأيه، للتصويت على القروض والمشاريع التي هي من ضمن مؤتمر سيدر، فيما اعتبر نواب آخرون أنّ الأهم وجع الناس وعدم إقرار اتفاقيات أسلحة والكف عن الاستدانة لدعم القروض الإسكانية، فأُقرت مشاريع وسقطت أخرى و»عُلّقت أخرى»!
 

أمّا النائب علي عمّار فكان له سبب آخر للانسحاب، وهو إقرار معاهدة تجارة الأسلحة. فـ"حزب الله" اعتبر أنّ المعاهدة تخدم العدو الإسرائيلي وتُعرّض سلاح المقاومة للخطر، وتُلزم لبنان الدخول في منظومة القانون الدولي وتبعاته. وقد حاول نوّاب "الحزب" منع إقرار هذه الاتفاقية.

من جهته، النائب جميل السيّد اعترض عليها بشدة، وطلب إعادة القانون إلى البحث، لكنّ الطلب سقط بالتصويت.

أمّا اللافت فهو امتناع حركة "أمل" عن التصويت سلباً او ايجاباً على إقرار هذا المشروع. واكتفت بالصمت، في وقت ارتأى بعض النواب من "الوطني الحر" والحزب "السوري القومي الاجتماعي" والتكتل الوطني إضافة الى النواب السنّة المستقلين وتيار "المردة" الوقوف مع الحزب، وصوّتوا ضد إبرام المعاهدة.

الحريري أوضح أنّ هذه الاتفاقية تؤمن الدعم العسكري للجيش اللبناني وتعزز الثقة به، ولن تؤثر على المقاومة او غيرها، مضيفاً: "نحن في الخلافات الداخلية نعلم كيف نتصرّف".

السيّد للحريري: هذا ابتزاز

لم يتمكن الحريري من تمالك نفسه عندما قال له النائب جميل السيّد: هذا ابتزاز، فأجابه الحريري: كفى تلطيشاً.

السيّد اعترض على إبرام اتفاقية قرض مقدّم من البنك الدولي للانشاء والتعمير لتنفيذ مشروع تعزيز النظام الصحي في لبنان، منتقداً نظام الاستدانة الدوري الذي تعتمده الدولة، ولكنّ اللافت وقوف رئيس مجلس النواب مع الرئيس الحريري فقال للسيّد: "مَن أعطاك الإذن بالكلام؟" ونَبّه الجميع بالقول: "اننا اذا حوّلنا احد القروض الى اللجان فستحوّل بمجملها، هذا سينطبق على جميع القوانين".

فأقرّ الاتفاق بعد تحفّظ نواب "الكتائب"، فيما اعتبر بعض النواب انّ هذه القروض هي من اجل النازحين السوريين وليس اللبنانيين، فأوضح الحريري انّ كل القروض سيستفيد منها السوريون بشكل أو بآخر لكنها ستمنّ بالإفادة الكبرى على لبنان واللبنانيين، وهدّد بالانسحاب من الجلسة بعدما حاول البعض طلب إعادتها الى اللجان، لافتاً الى انّ تشريع الضرورة وقيام هذه الجلسة كان لأجل تمرير تلك الاتفاقيات، مضيفاً: "هناك محاولات للتهويل على الاقتصاد والليرة وحاكم مصرف لبنان. ونحن نريد عودة النازحين الى بلدهم. واليوم لدينا فرصة لا تتكرر للحصول على قروض مخفضة".

الوزير علي حسن خليل قال لـ "الجمهورية": "نحن درسنا المشروع مع المؤسسة العامة للاسكان ودرسنا تكلفتها، ولن يكون هناك عبء أكثر من المتوقع وهذه مسؤوليتنا. ومصرف لبنان مستقلّ عنّا، وهذه هي المرة الاولى التي ندخل في هذا الملف، وهناك دراسة اكتوارية للموضوع والتكلفة درسناها جيداً".

إلّا أنّ النائب ميشال ضاهر لم يوافق الوزير خليل، وأوضح لـ"الجمهورية" انّ المشروع غير مدروس، لأنه أقر سلسلة رتب ورواتب ثانية، ولا يجب الضحك علينا كنواب والقول بدنا 500 مليار لأنها لا تكفي، فهي تورّط الناس ولن تحل المشكل. فإذا بدأنا بـ100 هذه السنة، في السنة المقبلة يلزمنا 200 وبعدها 300 وبعدها 400.

وأضاف: "لا يمكننا التصويت على المشروع والضحك على الناس وعلى أنفسنا وتوريطهم بالاسكان، ونعود للقول لهم مع السلامة لا يمكننا إعطاؤكم مجدداً. اليوم هناك مسلّمة من قبلنا ويجب ان يكون هناك وضوح لمعرفة حجم الدعم، فالدعم يجب ان يكون 1500 مليار، ونحن لسنا ضده".

الجلسة المسائية

خلصت الجلسة المسائية الى توافق على فتح اعتماد بقيمة 100 مليار ليرة كدعم لفوائد قروض الاسكان، على أن تتقدّم الحكومة بدراسة سياسية إسكانية خلال 6 اشهر. فبعدما اعتمد في الجلسة الصباحية مبلغ 500 مليار ليرة لمدة 5 سنوات، استبدل الموضوع بفتح اعتماد اضافي في موازنة 2018 بشكل استثنائي يتمّ وضعه في قسم الشؤون الاجتماعية في مصرف الاسكان، وسيتم التمويل من قروض داخلية وواردات استثنائية من موازنة عام 2018.

كيف طارت الجلسة ؟

بعد إقرار القانون، فقد النصاب بعد انسحاب نواب "المستقبل" و"القوات اللبنانية"، اعتراضاً على عدم إدراج اقتراح من خارج جدول الاعمال لفتح اعتماد إضافي لأدوية السرطان. كما اعترض بعض النواب على عدم دخول هذا البند جدول الاعمال، ومنهم نواب "حزب الله" والنائب الياس ابو صعب.

معوّض لـ"الجمهورية": لا نريد مغامرة

النائب ميشال معوّض قال لـ"الجمهورية": "إنّ إقرار التزام الدولة بقانون - برنامج لمدة 5 سنوات خطير للغاية، لأنه يؤدي الى فجوة بين مدة التزام الدولة بدعم الفوائد (5 سنوات) وبين مدة القرض (بين 10 و15 سنة). وبالتالي، ماذا سيفعل المقرض بعد السنة الخامسة إذا لم تجدد الدولة التزامها؟ ومن سيتحمّل عندها الفوارق في الفوائد؟ نكون في هذه الحال نصبنا فخاً للمواطن المقترض الذي سيعجز عن دفع الفوائد للمصارف ما سيعرّضه لخسارة منزله وجَنى عمره".

ويضيف: "المشكلة الثانية والأخطر كانت أنّ هذا الاقتراح يعني أنّ الدولة ستدعم ما بين 3000 و4000 ملف فقط، فماذا عن الملفات الأخرى ويوجد حالياً في المؤسسة العامة للإسكان عدد ملفات وافقت عليها المصارف وبنى اللبنانيون التزامتهم بناء عليها قبل الانقطاع المفاجئ".