مصادر: بند تمويل البواخر لن يمرّ بسهولة
 

لم تنجح التهدئة السياسية التي تعتمدها القوى والأحزاب المتخاصمة، في لجم السجالات القائمة بينها بشكل كامل، التي كشف جانباً منها التسجيل الصوتي المسّرب لعضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر (كتلة رئيس مجلس النواب نبيه برّي)، الذي اتهم فيه عهد الرئيس ميشال عون، بـ«أخذ لبنان إلى الانهيار السريع»، والتصويب المباشر على الإخفاق في معالجة أزمة الكهرباء المستفحلة، وإعلانه أن وزير الطاقة سيزار أبي خليل رفض عرضاً قدّمته شركة ألمانية لبناء معامل إنتاج الكهرباء بأسعار متدنية مقسّطة على مدى 20 عاماً، فيما وضع «التيار الوطني الحرّ» هذه الاتهامات في خانة «الاستهداف الدائم للعهد ومحاولة إفشاله».

هذا السجال الذي تفاعل عشية الجلسة التشريعية للبرلمان، سرعان ما احتواه الطرفان، لعدم تعكير صفو التوافق الواسع الذي أمنه برّي، لإقرار مجموعة من «قوانين الضرورة» بغياب الحكومة، إلا أن هذا التوافق لم يمنع «التيار الوطني الحرّ» من مواصلة اعتراضه على التصويب على أداء وزرائه بشكل سلبي. ووضع عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون، هذه الاتهامات، في إطار «استهداف العهد باتهامات غير مبررة تأتي من كل حدب وصوب»، مستغرباً الكلام الصادر عن «الصديق ياسين جابر الذي نصفه بأنه رجل معتدل، خصوصاً لجهة ما ورد في كلامه عن تدمير البلد على يد العهد». وأكد ماريو عون لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يحصل أي طرح جدّي من شركة (سيمنز) الألمانية حول بناء معامل لإنتاج الكهرباء، بل كان حديثاً في العموميات»، معتبراً أن البعض «يتخذ من قضية البواخر (الكهرباء) قميص عثمان، للتصويب على فريقنا وعلى رئيس الجمهورية، والحقيقة أنه لولا البواخر لكنّا في وضع مأساوي».

وكان النائب ياسين جابر قال في التسجيل المسّرب، إن «التيار الوطني الحرّ» (الذي يرأسه جبران وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، وصهر رئيس الجمهورية)، يحاول فرض بند على الجلسة التشريعية، للحصول على تمويل بقيمة 500 مليون دولار، مقابل تغذية كهربائية من البواخر لمدّة ثلاثة أشهر فقط، أي حتى نهاية العام الحالي. وقد اعترف النائب ماريو عون، بأن «جدول أعمال الجلسة التشريعية يتضمن بنداً للحصول على تمويل للتغذية بالطاقة الكهربائية، إلى حين تأمين الاتفاق السياسي على بناء معامل الإنتاج الحراري وتوليد الطاقة الكهربائية من هذه المعامل».

أمّا بشأن التداعيات السياسية لكلام النائب ياسين جابر على التهدئة، وانعكاساته على العلاقة المضطربة أصلاً بين «التيّار الوطني الحرّ» من جهة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة «أمل» من جهة ثانية، فقال النائب ماريو عون: «نحن في مرحلة تهدئة سياسية مع كل الأطراف السياسية، وهذا الهجوم لن يؤدي إلى نسف التهدئة، ونأمل من الآخرين أن يصفّوا نواياهم لنعمل جميعاً على حلّ المشاكل التي يعاني منها البلد».

ولا يبدو أن بند تمويل البواخر سيمرّ بسهولة في البرلمان، إذ أوضحت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة الكهرباء هي جزء من أزمات مستفحلة تنذر بمزيد من المشاكل ولا أحد يعترف بها». ورأت أن «المعالجة المؤقتة عبر البواخر تؤدي إلى مزيد من الهدر في مالية الدولة، ولا تعالج أصل المشكلة التي لا تحلّ إلا ببناء معامل إنتاج، وهذا يوجه ضربة للبنود الإصلاحية المقدّمة إلى مؤتمر سيدر». وعبرت عن أسفها لأن «المعنيين بهذا الملف لا يرغبون في اعتماد الحلّ المستدام». 

وتوقعت المصادر النيابية أن يتخذ البند المتعلّق بتمويل البواخر سجالاً في الجلسة التشريعية، لأن صرف الأموال الطائلة على البواخر، يفاقم الأزمة ويؤدي إلى هدر المال العام، الذي يمكن أن يصرف على بناء معامل الإنتاج.

من جهته، أشار الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المعلومات المستقاة من اللقاء الذي جمع وزير الطاقة سيزار أبي خليل وممثل إدارة شركة (سيمنز)، خلال زيارة المستشار الألمانية أنجيلا ميركل إلى بيروت، طرح مجموعة من الأفكار، وأن الزائر الألماني استقصى عن عوامل تقديم المساعدة للبنان لإنتاج الطاقة». وأشار أبو سليمان إلى أن «الوفد الألماني، عرض إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الهوائية، لكنهم (الألمان) اكتشفوا أنهم غير قادرين في الوقت الحاضر على المنافسة، ولن يستطيعوا إنتاج الكهرباء وبيعها بأقل من 9 سنتات أميركية للكيلو واط الواحد»، معتبراً أن «ما يدور خارج ذلك يبقى في إطار السجال السياسي بين الأحزاب».