انتهت بعد ظهر اليوم جلسة التّحقيق الجنائي الأولى عن مصير توسعة مطمر الكوستابرافا أمام النّائب العام البيئي في جبل لبنان القاضية غادة عون والتي كان من المقرّر انعقادها نهار الأربعاء الفائت إلّا أنّها تأجلت بطلب من رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر بداعي السّفر، وكانت بدأت الجلسة بعيد الساعة الواحدة ظهراً واستمرّت حتى بعد السّاعة الرابعة بعد الظّهر. حضرت الجلسة الجهة المستدعية (تحالف متحدون) الّتي مثّلها قسمٌ من فريقها القانوني (فرانسواز كامل، هاني الأحمدية، رامي عليق، سينتيا حموي) والمستدعى بوجههم، شركة الجهاد للتجارة والمقاولات ممثلة بالمحامي الأستاذ طارق جبوري ومستشار جهاد العرب باسم شعراتي، ومجلس الإنماء والإعمار ممثلاً بالمحامي الاستاذ فادي محفوظ وبالمهندس يونس الحاج والمحامي الأستاذ غسان جرّاح ممثلاً رئيسه نبيل الجسر، وكذلك لجنة الخبراء المعيّنة من قبل قاضي الأمور المستعجلة في عاليه (المؤلفة من د. جهاد عبود ودافيد أبي صعب وويلسون رزق).

بدأت الجلسة باستجواب المستدعى بوجههم والاستماع الى الخبراء الّذين قدّموا نسخة عن تقريرهم النّهائي للقاضية غادة عون، كما قام التّحالف أيضاً بتقديم نسخة عن التعليق على ذلك التقرير الذي كان قد أبرزه سابقاً بتاريخ 19/9/2018  أمام قاضي الأمور المستعجلة في عاليه رولا شمعون الّتي كانت قد أحالت الملفّ كإخبار أمام النيابة العامة البيئية، وتبعاً لذلك طلب التحالف وقتها فتح تحقيق جنائي بالوثائق والمستندات.
فكيف كانت مجريات الجلسة وإلى ماذا آلت؟ 
ركّزت الجلسة على فظاعة الأضرار البيئيّة الناتجة عن التّلوث القائم، حيث قام التحالف بإبراز مستندات تبيّن الحالة الكارثيّة للبيئة وكيفيّة تفشّي مرض السرطان في لبنان، وذلك وفقاً لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية يبيّن وجود أكثر 17 ألف إصابة جديدة في العام 2018، و242 إصابة  بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني (مع ارتفاع غير مسبوق في عدد الوفيّات). كذلك تصدّر لبنان لائحة دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان حيث حلّ في المرتبة الأولى. 
أكّد التحالف على غياب التّقارير والدّراسات الكافية عن الأثر البيئي التي توضح انعكاس غياب فرز النفايات وفق الأصول، وذلك يبيّن الاختلاس للمال العام من جراء تقاضي الأموال على نفايات لا يتمّ فرزها إضافة إلى المبالغ الكبيرة المستوفاة تبعاً لوزنها، لتأتي الحجّة بأن معمل الفرز يتلقّى كميّة من النفايات تفوق قدرته الاستيعابيّة (عذر أقبح من ذنب لا يبرّر الاستيلاء على المال العام دون وجه حقّ)، وهذا ما بيّنه مقال صحيفة لوريان لوجور بعنوانها الرئيسي "أهلا وسهلا بكم في مركز الفرز الذي لا يفرز. العمروسية، مركز الفرز... حيث لا يجري الفرز" بتاريخ 11/8/2018، ممّا دفع بالتّحالف لطلب الاستماع إلى كاتبة المقال التي عاينت معمل الفرز بالعمروسية بشكل حسيّ موثّق. 
بالإضافة الى ذلك تبيّن من المراسلات ما بين مجلس الإنماء والاعمار وشركة الجهاد للتجارة والمقاولات منذ سنة 2016 وجود  ميزانيّة لإجراء التحسينات والإصلاحات اللازمة لمعامل الفرز إلّا أنّ أياً من ذلك لم يحصل، فما زالت المماطلة والتهرّب وتقاذف المسؤوليّات بين شركة الجهاد ومجلس الإنماء والإعمار سيّدة الموقف حتّى اليوم، ما يطرح على التّحقيق التواطؤ في ما بينهما. 
فيما تستمر التحقيقات أمام النائب العام المالي في القضية عينها، حيث كان طلب الاستماع إلى جهاد العرب والمدير التنفيذي لشركة الجهاد، وكذلك تعقد هذا الأربعاء في 26/9/2018 جلسة محاكمة أمام قاضية الأمور المستعجلة في عاليه لاستكمال التّحقيق، ستقوم القاضية عون باتخاذ قرارها في إطار مطالعة تحدّد مسار التّحقيق الجنائي لجهّة الادّعاء على الفاعلين والمتورطين أمام قضاء التّحقيق أو المحكمة المختصّة.
 فرصٌ كثيرة كانت قد أعطيت لإصلاح الأمور والحدّ من تناتش الحصص والصّفقات، ولكن ما من نتائج إيجابيّة ترتبت عن ذلك على الإطلاق، بلّ مجرّد ازدياد في الصفقات واستعمال النفايات كحجّة للسرقة والاستيلاء على المال العام وردم البحر، ما يؤكّد على عدم ثقة النّاس والمجتمع والحراك المدني بالمسؤولين عن هذا الملفّ.
البدائل والحلول موجودة، وفي ظلّ  إقرار قانون إنشاء المحارق هذا اليوم، الأمر الذي يتطلب من 5 الى 6 سنوات لاستكمال التنفيذ، في حين أنّ المطمر يحتاج إلى ما يزيد عن السّنة بقليل ليمتلئ، ما لا يترك المجال إلّا أمام اجتياح المطامر البحريّة للشاطئ اللبناني مع ما يترافق ذلك من تفاقم للكوارث الصحية والبيئية الحاليّة.
 كما جرى التّأكيد من قبل التحالف في جلسة التّحقيق الجنائي اليوم من أنّ المجتمع والحراك المدني يرفض رفضاً قاطعاً وضعه تحت الأمر الواقع نتيجة ارتكابات البعض الفظيعة والمتمادية، إذ لا بدّ من إجبارهم على التفتيش عن حلول صحيّة كون هذه وظيفتهم وليست وظيفة الحراك المدني، فهم يتقاضون أموال طائلة لإنجاز ذلك علماً بأنّ تحالف متحدون دأب ومازال يطرح البدائل والحلول مع كلّ ملف يطرحه. يؤكّد التحالف بأنّ أزمة النفايات في لبنان هي أخلاقيّة سياسيّة طائفية صحية إقتصادية ماليّة قبل أن تكون تقنيّة، ما ينسحب على ملفّات أخرى. 
ألا تكفيهم كميّة الأموال المنهوبة حتّى الآن؟ ألا يكفي التلوث والاستهتار بحياة المواطنين؟ 
بعد جلسة هذا الأربعاء  سوف يلجأ التحالف، بمؤازرة آخرين من  مجموعات وأفراد الحراك المدني  إلى عقد مؤتمر صحفي لتوضيح كلّ ما يحصل بالأسماء والأرقام للراي العامّ.