أظهرت إحدى الدراسات التي أعدت أخيرا، أن مجلس النواب اللبناني وعددا كبيرا من المؤسسات والإدارات العامة لا تلتزم قانون حق الوصول إلى المعلومات الذي كان قد أقر في شهر فبراير (شباط) 2017. والبرلمان اللبناني ليس إلا واحدا من معظم مؤسسات وإدارات الدولة التي لم تعين بعد موظفا لتلقي طلبات الراغبين بالحصول على المعلومات، كما أنه وحتى الساعة لم يتم إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي يفترض أن يتقدم المواطنون بشكاوى أمامها في حال عدم استجابة الإدارات العامة لطلباتهم.

وأعلنت «مبادرة غربال» التي تهتم بقضايا الشفافية والمحاسبة، والتي أجرت اختبارا طوال الأشهر الـ9 الماضية لتتأكد ما إذا كانت 133 إدارة ومؤسسة عامة تتقيد بقانون حق الوصول إلى المعلومات، أن المجلس النيابي لم يستجب لطلبها بالحصول على معلومات محددة، وتم إبلاغها من قبل رئيس مصلحة الشؤون الإدارية في البرلمان أنه لم يتم تعيين موظف للمعلومات بعد، (كما ينص القانون)، وقد رُفع الموضوع لرئيس المجلس نفسه كي ينظر بالأمر.

وبحسب التقرير الذي أصدرته المبادرة بعنوان «الحق في الوصول إلى المعلومات: التزام الإدارات العامة اللبنانية»، فإن 34 إدارة من أصل 133 تجاوبت مع طلباتها للحصول على المعلومات، وقد التزمت 19 منها بالمهلة القانونية المحددة بـ15 يوما، وردت 15 إدارة خارج المهلة، فيما لم تتجاوب 99 إدارة أخرى.

وبدا لافتا، بحسب نتائج التقرير، أن وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية وهيئة إدارة قطاع البترول، هما الوحيدتان اللتان التزمتا بتعيين موظف متخصص بإعطاء المعلومات لطالبيها بعد شهرين فقط من صدور القانون، وأن وزارة الداخلية رفضت تسلم طلب الحصول على المعلومات تماما كمجلس شورى الدولة. واعتبر المشرف على المشروع محمد مغبط، أن عدم قيام المجلس النيابي بتنفيذ جزء مهم من القانون الذي أقرته هيئته العامة وهو تكليف موظف للمعلومات، يطرح أكثر من علامة استفهام خاصة أن السلطة التشريعية يجب أن تكون أول من يحترم القوانين الصادرة عنها كي تكون نموذجا يحتذى به لدى باقي السلطات والإدارات العامة.

ويرد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، عدم التزام الكثير من الإدارات بالقانون المقر حديثا، لـ«النص غير الواضح، باعتبار أن بعض الكلمات فيه تعني الشيء وعكسه إضافة إلى كونه مجتزأ ولم يكتمل بإنشاء هيئة مكافحة الفساد». ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا القانون لا يطبق إلا جزئيا، فمعظم الإدارات لم تعين الموظف المختص بالمعلومات، كما أن العدد الأكبر منها لا يلتزم بنشر التقارير الدورية والمستندات على موقعها الإلكتروني، كما نص القانون، مضيفا: «حتى أننا بدل أن نحقق مزيدا من الشفافية من خلال هذا القانون، تم أخيرا حجب الجريدة الرسمية عن اللبنانيين والتي كانت تصدر مجانا على الموقع الإلكتروني، وبات من يريد الاطلاع عليها مجبرا بدفع بدل مالي».

ويفضل النائب السابق غسان مخيبر، «طبّاخ» قانون حق الوصول إلى المعلومات، النظر إلى نصف الكوب الملآن، معتبرا أننا خطونا في السنوات القليلة الماضية خطوات تنفيذية كثيرة في مسار مكافحة الفساد وضمان مزيد من الشفافية في عمل المؤسسات. ويرى مخيبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إقرار مجموعة من القوانين سواء من خلال الهيئة العامة أو اللجان النيابية، كقانون الإثراء غير المشروع وقانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وقانون حماية كاشفي الفساد، يشكل تقدما كبيرا يتوجب أن يقترن بتطبيق ما تبقى من السلة التشريعية، مع التشديد على وجوب التزام الجهات المعنية بتنفيذ هذه القوانين. ويضيف: «ولعل الأهم هنا إقرار القوانين المرتبطة بتطوير الهيئات الرقابية، وقد أنجزنا الكثير في هذا المجال إن كان من خلال التفتيش المركزي أو الهيئة العليا للتأديب وغيرهما».

يُذكر أن قانون حق الوصول إلى المعلومات استثنى حق الاطلاع على أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والأمن العام، وإدارة العلاقات الخارجية للدولة ذات الطابع السري، وما ينال من المصالح المالية والاقتصادية للدولة وسلامة العملة الوطنية، ومداولات مجلس الوزراء ومقرراته التي يعطيها الطابع السري، إضافة إلى محاضر أخرى تم تبرير إيرادها ضمن الاستثناءات.