راي اهتم بالأمن لا بالسياسة ولم يحدِّد الإجراءات الأميركية تجاه لبنان
 

طالت مرحلة مشاورات الرئيس المكلف سعد الحريري حول تشكيل الحكومة الى ما بعد عودة رئيس الجمهورية ميشال عون من زيارة نيويورك، التي غادر اليها امس الاحد ومن المرتقب ان يعود يوم الجمعة، بعد المشاركة في اعمال الدورة 73 للجمعية العامة للامم المتحدة، ما يعني انه لا افق منظوراً لتشكيل الحكومة قبل اوائل او منتصف الشهر المقبل، برغم الكلام المستجد عن تعديلات اقترحها الرئيس المكلف على الصيغة التي اودعها لدى الرئيس عون مؤخرا، لكن بانتظار الفرج، سيمر لبنان بمرحلة صعبة سياسية واقتصادية، عبّرت عنها المواقف الاميركية الاخيرة تجاه «حزب الله»، والتسريبات من قبل جهات سياسية معينة وعبر وسائل اعلامية محددة معروفة بارتباطها بالمحور الخصم لإيران وحلفائها، عن عقوبات جديدة ومنها ما قد يطال لبنان بأسره دولة ومؤسسات ومصارف وشعب، بحجة ملاحقة المتعاملين والمتعاونين مع الحزب والذين يغطون اعماله، والتي تزامنت مع زيارة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي كريستوفر راي الى لبنان قبل ايام قليلة.


وترى مصادر متابعة ان هذا الجو - ولو كان غير دقيق او غير صحيح - يبرر بنظر الكثيرين التأخر بتشكيل الحكومة، خاصة في مسألة فرض عقوبات على «حزب الله» وكل متعاون او متعامل معه من قريب او من بعيد، عدا عما تسرب عن رفض اميركي لتولي الحزب حقيبة خدماتية كحقيبة الصحة او سواها، أو على الاقل التلويح بعدم التعاون مع اي وزارة يتسلمها الحزب. 


لكن مصدراً مسؤولا تابع زيارة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي قال لـ«اللواء»: ان كريستوفر راي قال في تصريحاته ما تم تداوله في المجالس المغلقة مع كبار المسؤولين، كما عبر بيان السفارة الاميركية عن فحوى المحادثات، والتي تركزت على الجانب الامني اكثر من اي امر آخر. وهو تناول مع الرؤساء ومع قادة الاجهزة الامنية كل ما يتعلق بملاحقة المنظمات التي تعتبرها اميركا ارهابية ولم يسمِ لا «حزب الله» ولا اي جهة اخرى امامنا كما لم يحدد اي اجراء تنوي الادارة الاميركية اتخاذه.. وهو اكد امام المسؤولين استمرار الدعم الاميركي للمؤسسات العسكرية والامنية انطلاقا من تثبيت وتعزيز التعاون الامني، بما يخدم امن الولايات المتحدة وشعبها - كما عبّر راي.


واوضح المصدر المسؤول: ان راي مهتم بالامن ولا يهتم بالسياسة، وإن سألته مثلاً عن امر الحكومة او عن موضوع الخروقات الاسرائيلية للقرار 1701، يقول «هذا الموضوع ليس من اختصاصي ولا اتعاطى به». وكل ما يمكن ان يخدمنا به هو نقل الشكوى اللبنانية الى الادارة السياسية الاميركية.


لذلك تعتبر مصادر رسمية مواكبة لمسار تشكيل الحكومة، ان ما يتردد عن تعديلات في الصيغة واعادة توزيع الحقائب بما يتناسب مع هذه الجهة ولا يتناسب مع تلك، هو تأكيد على ان لا حكومة في القريب العاجل، «وانهم يخترعون كل مرة اسباباً لتبرير التعثر ما يعني ان المماطلة واضحة، وتختصر الوضع بالقول: «مش راكبة، ولننتظر عودة رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل».


وكانت اخر التسريبات قد اشارت الى احتمال البحث في صيغة حكومية من 24 وزيرا لتلافي مشكلة التمثيل والاحجام وتوزيع الحقائب، كما تحدثت معلومات اخرى عن تعديل بتوزيع الحقائب بحيث تُعطى «القوات اللبنانية» منصب نائب رئيس الحكومة وحقيبتين وازنتين وحقيبة دولة، فيما يُعطى الحزب الاشتراكي حقيبتين وازنتين وحقيبة دولة للدروز وحقيبة لشخصية درزية او مسيحية مقربة منه ومن العهد، وثمة من سرّب ان «حزب الله» مستعد للتنازل عن حقيبة الصحة لمصلحة «تيار المردة» اذا اصر «التيار الحر» على نزع حقيبة الاشغال من «المردة» الذي يطالب بحقيبة الطاقة بدل الاشغال... وهكذا لا زال البلد يعيش دوامة المقترحات والتعديلات حول توزيع الحقائب على القوى السياسية من دون افق واضح لما هو مقبول أو مرفوض منها ولما ستؤول اليه الامور، خاصة مع تمسك عدد من الاطراف بالحقيبة ذاتها.


وبانتظار حلحلة العقد، ترتفع الصرخة العالية التي اطلقتها الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام سويا الاسبوع الماضي، والتلويح بالتحرك السلبي والاضراب نتيجة تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي بسبب التأخر بتشكيل الحكومة وانعكاساته السلبية على لبنان، وثمة صعوبات ايضا يعانيها اللبنانيون المغتربون في بعض الدول بسبب الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها هذه الدول ايضا، وثمة مخاوف من انعكاس الوضع الاقليمي المتفجر على لبنان مزيدا من البلبلة والانقسام والتعقيد في تشكيل الحكومة.